(بيروت) ـ قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته إن قوات الأمن البحرينية تعذّب المحتجزين عند استجوابهم. تفتقر المؤسسات المعنية باستلام الشكاوى والتحقيق فيها، التي أنشئت بعد 2011، إلى الاستقلالية والشفافية. خلص تقرير "هذه دماء من لا يتعاون: استمرار تعذيب وسوء معاملة الموقوفين في البحرين"، الذي امتد على 84 صفحة، إلى أن قوات الأمن استمرت في ارتكاب نفس الانتهاكات التي وثقتها "اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق" (اللجنة البحرينية) في تقريرها الصادر عام 2011. أنشئت اللجنة في أعقاب حملة قمعية استهدفت متظاهرين مؤيدين للديمقراطية في فبراير/شباط ومارس/آذار نفس السنة. كما خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن السلطات البحرينية فشلت في تنفيذ توصيات اللجنة المتعلقة بالتعذيب بشكل فعال. قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "تبقى مزاعم البحرين وحلفائها حول نجاح السلطات في القضاء على التعذيب أثناء الاحتجاز ببساطة غير قابلة للتصديق. كل الأدلة المتاحة تدعم استنتاجا مفاده أن المؤسسات الجديدة لم تعالج بشكل فعال ما أسماه تقرير اللجنة البحرينية "ثقافة الإفلات من العقاب" التي تسود قوات الأمن". كانت المملكة المتحدة أكثر طرف دولي أكد على نجاح البحرين في إصلاح قوات الأمن وآليات المحاسبة، كما أوصت بذلك اللجنة، ولكن هيومن رايتس ووتش خلصت إلى أن عمل هذه الآليات تشوبه عيوب كبيرة. في 2012 و2013، أجلت البحرين إلى تاريخ غير مسمى زيارة مبرمجة للمقرِّر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب. قابلت هيومن رايتس ووتش 10 محتجزين قالوا إنهم خضعوا لاستجواب قسري في "إدارة المباحث الجنائية" ومراكز الشرطة منذ 2012، إضافة إلى 4 سجناء سابقين في سجن جو قالوا إن السلطات عذبتهم في مارس/آذار 2015. قال جميعهم إن عناصر الأمن اعتدوا عليهم جسديا، وأكد بعضهم التعرض إلى صدمات كهربائية، والتعليق في وضعيات مؤلمة – شمل ذلك التعليق من المعصمين بينما اليدين مكبلتين – والإجبار على الوقوف لفترات مطولة، والتعرض للبرد الشديد، والانتهاك الجنسي. كما قال 6 منهم إن محققي إدارة المباحث الجنائية كانوا يفتخرون بسمعتهم في إيلام الموقوفين.
قال أحد المحتجزين السابقين إن محققا قال له: "سأثبت لك لماذا الوفاق [أبرز حزب معارض في البلاد] يُسمي البحرين عاصمة التعذيب". وقال آخر إن أحد عناصر إدارة المباحث الجنائية وضع شيئا في أنفه وقال له: "هذا دم من لم يتعاون".
وثّق محققو اللجنة البحرينية في 2011، ومن قبلهم هيومن رايتس ووتش في 2010، أساليب تعذيب متشابهة.
في يوليو/تموز 2011، عيّن الملك حمد اللجنة البحرينية كردّ على الانتقاد الدولي الذي وجه للتعامل العنيف وغير المتناسب لقوات الأمن مع مظاهرات سلمية مناوئة للحكومة انطلقت في فبراير/شباط 2011. وخلصت اللجنة البحرينية، في تقرير أصدرته في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، إلى أن جهاز الأمن الوطني ووزارة الداخلية اتبعتا "ممارسات ممنهجة من سوء المعاملة البدنية والنفسية، والتي وصلت إلى التعذيب في عدة حالات، قِبل عدد كبير من الأشخاص المحتجزين في مراكز التوقيف".
بناءً على توصيات اللجنة البحرينية، أنشأت الحكومة 3 هيئات منذ العام 2012 ـ هي "الأمانة العامة للتظلمات" التابعة لوزارة الداخلية، و"وحدة التحقيق الخاصة" التابعة للنيابة العامة، و"مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين" ـ وجميعها مكلفة بالقضاء على التعذيب في مراكز التحقيق والإيقاف.
إلا أن هيومن رايتس ووتش خلصت إلى عدم صدور معطيات كثيرة عن هذه الهيئات حول الشكاوى والتحقيقات والمحاكمات. ومنذ أن أعلنت البحرين عن إصلاحات مؤسساتية في مطلع 2012، جرت محاكمة واحدة فقط تتعلق بالتعذيب، ولكن لا صلة لها بالاعتقالات المرتبطة بالاضطرابات السياسية التي شهدتها البحرين.
تنتهك الأساليب التي وصفها الموقوفون لـ هيومن رايتس ووتش قوانين البحرين والتزاماتها، بصفتها طرفا في "اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" (اتفاقية مناهضة التعذيب) وغيرها من الاتفاقيات الأخرى.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على البحرين إرسال دعوة فورية ومفتوحة للمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب لزيارة البلاد، والسماح له بالوصول إلى الموقوفين، دون قيود، في جميع أماكن الاحتجاز. على البحرين أيضا ضمان استقلالية الأمانة العامة للتظلمات ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، بإبعادهما عن وزارة الداخلية، واتخاذ خطوات كفيلة بتحقيق استقلالية وحدة التحقيق الخاصة عن النيابة العامة، التي فشلت حتى الآن في إظهار قدرتها على محاسبة المتورطين في التعذيب.
أوصت هيومن رايتس ووتش الحكومة كذلك بإنشاء لجنة رقابة مدنية، تتكون من خبراء مستقلين يتمتعون بسمعة جيدة، للتدقيق في عمل وحدة التحقيق الخاصة وضمان استقلاليتها عن وزارة الداخلية والنيابة العامة.
قال جو ستورك: "منذ اندلاع الاحتجاجات السلمية المناوئة للحكومة في البحرين في 2011، التي ردّت عليها السلطات بالقوة القاتلة، شنت الحكومة البحرينية حملة من الاعتقالات قضت على الحركة المؤيدة للديمقراطية. لا تستطيع البحرين ادعاء تحقيق تقدم في مكافحة التعذيب بينما تفتقر المؤسسات المعنية بذلك إلى الاستقلالية والشفافية، وحتى تتخذ خطوات هامة لمعالجة غياب المحاسبة على الانتهاكات التي يتعرض لها المحتجزون". |