لمشاهدة وقائع الندوة على ’يوتيوب’ إضغط هنا ندوة لمنتدى البحرين لحقوق الإنسان تسلط الضوء على تقويض الحقوق الثقافية لشعب البحرين تحت عنوان "واقع الحقوق الثقافية في #البحرين"، نظم منتدى البحرين لحقوق الإنسان ندوة افتراضية تحدث فيها الكاتب والباحث عباس المرشد، والكاتب والناقد د. علي الديري، القيادي في الوفاق يوسف ربيع، والمعارض علي الفايز. وأدارتها الإعلاميّة ضياء عيّاد التي أكدت على أهمية الحقّ الثقافي الذي نصّت عليه الصكوك الدوليّة لما يكرسه من هوية مجتمعية بنّاءة بعيدًا عن منطق التمييز والاقصاء. الباحث البحريني عباس المرشد استهل الحديث عن تأطير مفهوم الثقافة مؤكدًا بأنّها تشمل هويّة الفرد وعاداته. المرشد أكد أن الجماعة الحاكمة لا تعترف بثقافة الآخر بما يسبب حالة من الصراع فتمارس الإقصاء والتهميش والازدراء ما يدفع هذا الآخر إلى التحرك للدفاع عن ثقافته، مشيرًا إلى أن الحقوق الثقافيّة تعكس خصوصيّة المجتمع وتمايزه. ولفت المرشد إلى أن ثقافة السّكان الأصليين في البحرين تعاني من تهميش ممنهج تمارسه الثقافة المسيطرة إلى حدّ يرقى إلى منطق الاحتلال والتجاهل وليس منطق الدولة والمواطنة مستذكرًا المؤتمر الذي عقد في ديسمبر ١٩٨٣ بحجة دراسة تاريخ البحرين. وأكد بأن الهدف الحقيقي منه كان اختلاق تاريخ جديد ينسجم مع مصالح الحكم ويطمس ما يخالفها من حقائق، واللافت بأنه تزامن مع الذكرى المئتين لسيطرة بيت الحكم على البلاد. وأردف بأن المؤتمر كرّس إبادة ثقافيّة تلاها تصفيّة للمناهج التعليمية من كل ما يؤكد أصالة الوجود الشيعي وأعلامِه وفقهائه، وكذلك تطهير الإعلام من كل ما يشير إلى الهويّة الأصيلة للبلاد. كما جرى العمل على طمس اللهجة المحكية وازدرائها في المسلسلات. كذلك استذكر العرائض التي رفعت، في نوفمبر ١٩٢٢، إلى الإدارة البريطانيّة، والتي أشار السكان فيها إلى الإضطهاد الثقافي حيث سلبت العائلة الحاكمة حقوقهم ومقدراتهم وجعلتهم عبيدًا، كما أجبرتهم على العمل خلال مناسبتين دينيتين هما تاسوعاء وعاشوراء، ومن يخالف تفرض عليه ضريبة. وأكد المرشد أن الإدارة البريطانيّة ساعدت الحاكم في الثلاثينات على مصادرة مسجد الخميس، الذي خرّج فقهاء شيعة، ومن ثم استهدافه تمامًا كما يحدث لمسجد صعصعة اليوم، لافةً الى أن الحراك السياسي -تاريخيًّا- مرتبط بالاضطهاد الثقافي ومحاربة السرديات السائدة. وأضاف بأن الاستيلاء على الأوقاف الجعفرية يأتي في سياق الحرب الثقافيّة التي يمارسها النظام اليوم لطمس الهوية الثقافيّة للبلاد، كذلك فإن هدف التدخل في شؤون المآتم والخطباء والرقابة الصارمة عليها هو التحكم بثقافة السكان والتحكم بهويتهم، مؤكدًا أن ذلك جزء من حالة اللااعتراف التي يمارسها الحكم. وأشار الباحث البحريني إلى أن الكتاب الرسمي يُدرّس تاريخًا مستفزًا للجماعات الثقافيّة ويحرف مرتكزاتها الطائفيّة، كما ينتهج الإعلام الرسمي سياسة تخريب الهوية الثقافية للبلاد والتعميّة على الثقافة الأصيلة تماشيًّا مع مصالح الغرب جازمًا بأن ذلك يؤكد تورط هذه القوى الكبرى في دعم سياسة الحكم الاقصائية. وأشار إلى أن الهدف من إظهار البحرين كبلد تعددي هو طمس الهوية المجتمعية الأصيلة وتسفيه خياراتها وقناعاتها بما يتقاطع مع أهداف التجنيس السياسي، خاتمًا بأن سبيل المواجهة هو بنزع الاعتراف رغم كل الممارسات الاقصائيّة. بدوره، قال الناقد د. علي الديري بأن بحارنة المحمّرة خاضوا ولا زالوا تحديات ثقافيّة متعددة، وقد تعرضوا للتنكيل والاضطهاد الثقافي واللغوي، رغم اتسامهم بالانفتاح والتسامح وتحليهم بالمرونة الثقافيّة. د. الديري أكد بأن هذه المجموعة الثقافيّة واجهت غربة ثقافيّة واضحة وهي بحاجة إلى الاستيعاب والاعتراف بأصالتها الثقافيّة. كما تحدث المعارض السياسي أ. علي الفايز الذي لفت إلى أن واقع الحقوق الثقافية يفتح الجرح الأكبر لشعب البحرين والمتعلق بما تمارسه السلطة من محاولات لتجريده من ثقافته الأصيلة التي تتحكم بسلوكياته ومبادئه. وقال بأن هذا الشعب البحرين أسلم طوعًا، وعُرِف بتآخيه وتعايشه وتدينه وإسلاميته، وبانقياده لخطِّ العلماء والفقهاء. الفايز أردف بأن صراع شعب البحرين اليوم مرتبط بفشل العائلة، التي احتلت أرضه عام ١٧٨٣، بالاندماج معه حيث فرضت السخرة والسلب والسياسيات العدوانية، وادعت زورًا بأنها "فتحت" البحرين وجعلتها إسلامية عربية. وتابع الفايز بأن ما صدر مؤخرًا عن أحد المنابر يعكس السيطرة الثقافيّة التي يمارسها الحكم، وما يقوم به من تسقيط للمكون الآخر أي الشيعة حتى عمد مؤخرًا إلى حذف أسماء العوائل من الوثائق الرسميّة بهدف تمزيقه وتغريبه. الفايز أضاف بأنه، بموازة التجنيس السياسي، عملت السلطة على تهجين المجتمع بهدف تغير اللهجة والعادات والتقاليد والحدّ من حالة التدين. كما فرضت تدريس ما يخالف عقائدهم وهي تعمل اليوم على فرض التطبيع عبر المناهج وخلق حالة من التماهي مع الصهاينة، مؤكدًا بأن النظام كرس حالة أمنيّة لترهيب السكان عبر الاستدعاءات، وسعى إلى شيطانة العلماء وإسقاط جنسياتهم واعتقالهم وتهجيرهم كما حدث مع آية الله قاسم، كما طمس مهن الزراعة والتجارة والصيد المرتبطة بهوية الشعب، وعمل على التضييق على فقراء الشعب وأرزاقهم، حيث استولى المتنفذون فيه على معظم السواحل. وشبّه الفايز سياسات الحكم بما يقوم به الصهاينة من تصفية للوجود الأصيل عبر التجنيس والتمييز والافقار وإشاعة البطالة وكل صنوف الاضطهاد التاريخي، مؤكدًا وجوب صمود الشعب في مطالبته المحقة بالمشاركة في الحكم حفاظًا على هويته، وإن لم تستجب السلطة فلا بد من الانتفاضة مهما كلفت من تضحيات وإلّا تسيّدت واندثر وجودهم وثقافتهم. ختامًا، لفت القيادي في الوفاق يوسف ربيع إلى ما تقوم به أبواق السلطة من الترويج بأن في البحرين تعددية، فيما تتعمد التعمية على ما يمارس من تجهيل واضطهاد ثقافي ممنهج بحقّ المواطنين الشيعة. وتابع بأنه إضافة إلى طمس الهوية التاريخ لمسجد الخميس وتحويله إلى معلم سياحي، قامت السلطة بتزوير تاريخ بنائه استهدافًا للوجود الشيعي الأصيل، وذلك في مخالفة صريحة للعهدين الدوليين. القيادي في الوفاق لفت إلى أن النظام عمل على طمس تاريخ المدرسة المباركية العلوية ومسجد صعصعة بهدف التعمية على الأسبقية التاريخية للشيعة، كما غيّب ذكر الفقيه كمال الدين ميثم البحراني والشيخ العصفور وغيرها من الأسماء، مشيرًا إلى التحريض الرسمي الممنهج في المناهج الدراسية ما يشكل استهدافًا واضحًا للثقافة الأصيلة حيث يتم تجاهلها تمامًا، بل ويتم تكفير الشيعة وتسقيط عقائدهم والحطّ من وطنيتهم في مخالفة صريحة للدستور. وختم بالإشارة إلى أنّ البحرين تقوم بتكليف معلمين يحملون أطروحات وعقائد وهابية بتدريس مقررات التربية الدينية حتي في المدارس الواقعة في المناطق الشيعية. |