"العفو الدولية" في تقريرها لعام 2013: استمر مناخ الإفلات من العقاب في البحرين
صوت المنامة - خاص أكد تقرير منظمة العمل الدولية لعام 2013 عن حالة حقوق الإنسان في البحرين على استمر مناخ الإفلات من العقاب على حاله، وقد انعكس هذا في قلة عدد المحاكمات لرجال الشرطة ومنتسبي قوات الأمن بالقياس لمدى جسامة انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في 2011. وقال: "لم تحقق السلطات بصورة مستقلة في جميع مزاعم التعذيب".
وبحسب التقرير فقد واصلت السلطات البحرينية حملاتها القمعية ضد الاحتجاجات والرأي الآخر. وأدخلت الحكومة بعض الإصلاحات بالاستناد إلى التوصيات الواردة في تحقيق رئيسي في انتهاكات حقوق الإنسان جرى في 2011، ولكنها لم تنفذ بعض التوصيات الرئيسية للتحقيق المتعلقة بالمساءلة. واستمر حبس عشرات الأشخاص، أو جرى اعتقالهم، لمناهضتهم الحكومة، بمن فيهم سجناء رأي وأشخاص صدرت بحقهم أحكام بناء على محاكمات جائرة. وتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان وغيرهم من الناشطين للمضايقات والسجن بينما واصلت قوات الأمن استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين، مما أدى إلى وقوع وفيات. كما أقدمت، حسبما زُعم، على تعذيب معتقلين أو أساءت معاملتهم. ولم يقدَّم إلى ساحة العدالة، بالعلاقة مع انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في 2011، سوى قلة من رجال الأمن، مما فاقم من مناخ الإفلات من العقاب في البلاد. وفُرض حكم واحد بالإعدام؛ بيد أنه لم تنفذ أية أحكام بالإعدام.
خلفية شهدت البلاد المزيد من الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وبصورة رئيسية من جانب الأغلبية الشيعية في البحرين، التي تشكو من التهميش السياسي لها من قبل الأقلية السنية الحاكمة. ووردت تقارير عن مظاهرات ألقيت خلالها زجاجات «المولوتوف» الحارقة وتخللها إقامة حواجز على الطرق. واستخدمت الشرطة القوة المفرطة في تفريق بعض المتظاهرين. بينما ظل الحوار السياسي بين الحكومة والمعارضة يراوح مكانه، إلى حد كبير. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، ذكرت الحكومة أن «شخصين آسيويين» قتلا، وأن شخصاً ثالثاً جرح، جراء انفجار قنابل في المنامة. وبعد أيام، جرّدت السلطات 31 شخصاً من جنسيتهم البحرينية، قائلة إنهم تسببوا بأضرار لأمن الدولة.
وقامت الحكومة بعدة إصلاحات أوصت بها «اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق» (لجنة تقصي الحقائق) في 2011، بما في ذلك إعادة عاملين مفصولين إلى وظائفهم، وإنشاء آليات للإصلاح خاصة بالشرطة. وفي أكتوبر/تشرين الأول، قامت بتعديل بعض مواد قانون العقوبات وضمّنتها تعريفاً جديداً للتعذيب. بيد أن الحكومة لم تنفذ توصيات مهمة أخرى للجنة تقصي الحقائق، التي عيّنها الملك في 2011 للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة على أيدي القوات الحكومية أثناء قمع الاحتجاجات الشعبية في الشهور الأولى من 2011. وعلى وجه الخصوص، لم تفرج السلطات عن جميع سجناء الرأي؛ ولم تحقق بصورة مستقلة في مزاعم تعذيب المعتقلين؛ وتقدِّم جميع الجناة إلى ساحة العدالة. ومع ذلك، قبلت السلطات، في سياق المراجعة الدورية العالمية للأمم المتحدة في مايو/أيار، ما يربو على 140 توصية، بما في ذلك دعوات إلى تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق. ورفضت الحكومة توصيات أخرى بمقتضى المراجعة الدورية العالمية للأمم المتحدة طالبتها بإلغاء عقوبة الإعدام. وفرضت الحكومة، في مارس/آذار، قيوداً أكثر تشدداً على منح تأشيرات الدخول إلى البلاد للمنظمات غير الحكومية الأجنبية، وفي أكتوبر/تشرين الأول، فرضت حظراً على جميع المسيرات والتجمعات العامة. ورفعت هذا الحظر في ديسمبر/كانون الأول. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، ألغت وزارة التنمية الاجتماعية نتائج انتخابات الهيئة الإدارية «لرابطة المحامين البحرينيين»، وأعادت فرض الهيئة السابقة.
الإفلات من العقاب استمر مناخ الإفلات من العقاب على حاله، وقد انعكس هذا في قلة عدد المحاكمات لرجال الشرطة ومنتسبي قوات الأمن بالقياس لمدى جسامة انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في 2011. ولم تحقق السلطات بصورة مستقلة في جميع مزاعم التعذيب. كما لم يقدَّم إلى ساحة العدالة سوى حفنة من رجال الشرطة من ذوي الرتب المتدنية، وضابطين كبيرين، بالعلاقة مع أعمال قتل المحتجين أو تعذيب المعتقلين، وغير ذلك من ضروب الإساءة لهم، أثناء وجود هؤلاء في الحجز، في 2011. حيث أدين ثلاثة رجال شرطة وحكم عليهم بالسجن سبع سنوات، ولكن ظل رجل شرطة واحد على الأقل طليق السراح في انتظار البت في استئنافه الحكم. وبرئت ساحة ثلاثة آخرين، ما دعا النيابة العامة إلى استئناف الحكم.
في سبتمبر/أيلول، برّأت المحكمة ساحة اثنين من رجال الشرطة من تهمة قتل محتجين اثنين في دوار اللؤلؤة، بالمنامة، في 17 فبراير/شباط 2011. وورد أن إفادتي الرجلين كانتا البيِّنة الوحيدة التي عرضت على المحكمة، بينما لم يحضر الشرطيان جلسات المحكمة. وقدَّم الادعاء العام طعناً ضد الحكم في أكتوبر/تشرين الأول.
الاستخدام المفرط للقوة واصلت قوات الأمن استخدام القوة المفرطة، مستخدمة طلقات بنادق الخرطوش والغاز المسيل للدموع ضد المحتجين، وأحياناً في أماكن مغلقة. وكان طفلان بين أربعة ورد أنهم فارقوا الحياة إثر إصابتهم بطلقات من بنادق الخرطوش أو بسبب الضغط الناجم عن عبوات الغاز المسيل للدموع. وورد أن ما لا يقل عن 20 شخصاً غيرهم لقوا مصرعهم نتيجة الاختناق بالغاز المسيل للدموع. وقالت السلطات، في سبتمبر/أيلول، إن 1,500 من رجال الأمن أصيبوا في الاحتجاجات منذ بداية السنة. وقُتل رجلا شرطة في النصف الثاني من السنة.
فتوفي حسام الحداد، البالغ من العمر 16 سنة، في 17 أغسطس/آب، عقب إطلاق شرطة مكافحة الشعب النار عليه في المحرّق. وخلص تحقيق قامت به «وحدة التحقيق الخاصة» إلى أنه كان لإطلاق النار ما يبرره «لتلافي تهديد وشيك».
وتوفي علي حسين نعمة، البالغ من العمر 16 سنة، في 28 سبتمبر/أيلول، عقب إطلاق شرطة مكافحة الشغب النار عليه في ظهره، بقرية صدد. وقالت عائلته إن الشرطة هددتهم ومنعتهم من الاقتراب منه وهو ملقى على الأرض. وخرج تحقيق أجرته «وحدة التحقيق الخاصة» بخلاصة مفادها أنه ليست هناك قضية، بينما اعتبر ما قام به رجل الأمن «عملاً من أعمال الدفاع عن النفس».
التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة اتخذت الحكومة خطوات لتحسين سلوك الشرطة، فأصدرت أنظمة تتضمن مدونة لمبادئ السلوك، وعقدت دورات تدريبية حول حقوق الإنسان. بيد أن الشرطة استمرت في القبض على الأشخاص دون مذكرات توقيف، وفي اعتقالهم بمعزل عن العالم الخارجي لأيام أو أسابيع، وحرمانهم من الاتصال بالمحامين، وإخضاعهم، حسبما زُعم، للتعذيب ولغيره من صنوف سوء المعاملة، بما في ذلك للضرب والركل والإساءة اللفظية والتهديد بالاغتصاب.
فقبض على حسين عبد الله علي محمود العلي دون أمر توقيف في 26 يوليو/تموز في قرية سلماباد. وحسبما زُعم، تعرض للضرب واقتيد إلى مكان لم يتم الكشف عنه. وذَكر أنه عذِّب أثناء احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي وأجبر على توقيع «اعتراف» يدينه. وقال أفراد عائلته إنهم لم يعرفوا بمكان وجوده لثلاثة أسابيع، كما لم تعرف عائلته أو المحامون بالمكان الذي كان محتجزاً فيه على وجه الدقة طيلة أشهر، بعد القبض عليه. وقال إنه عذِّب بالصدمات الكهربائية، وهُدد بالاغتصاب. وقبض على سلمان أمير عبد الله العرضي، البالغ من العمر 16 سنة، في فبراير/شباط، ومجدداً في مايو/أيار، حيث اقتيد إلى مركز شرطة الحِد وتعرض للضرب وللتهديد بالاغتصاب، حسبما زعم، لإجباره على التوقيع على «اعتراف» دون حضور أحد من عائلته أو محام. ثم وجهت إليه تهمة «التجمع غير المشروع» وتهم أخرى، وأدين وحكم عليه في يوليو/تموز بالسجن سنة واحدة، وأيدت محكمة الاستئناف الحكم.
وقالت مريم حسن عبد علي الخزاز، البالغة من العمر 17 سنة، إن الشرطة قامت بضربها وركلها عقب القبض عليها في المنامة أثناء احتجاج شاركت فيه في 21 سبتمبر/أيلول. وأجبرت على توقيع «اعتراف» دون حضور محام أو أحد من عائلتها، ووجهت إليها تهمة «التجمع غير المشروع»، والاعتداء على رجل شرطة، وتهم أخرى. وأفرج عنها بالكفالة في 17 أكتوبر/تشرين الأول، وظلت في انتظار بدء محاكمتها في نهاية السنة. المدافعون عن حقوق الإنسان والناشطون الآخرون واجه المدافعون عن حقوق الإنسان وغيرهم من الناشطين المضايقات والاعتقال والأحكام القضائية من جانب السلطات، ودأبت وسائل الإعلام التابعة للدولة على تلويث سمعتهم. حيث استهدف نبيل رجب، رئيس «مركز البحرين لحقوق الإنسان»، على نحو خاص، بالقبض المتكرر عليه وبالمقاضاة. ففي مايو/أيار، وجهت إليه تهمة «إهانة الهيئات النظامية» من خلال ملاحظات نشرها على «تويتر» حول وزارة الداخلية. وفي 9 يوليو/تموز، حكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر لانتقاده رئيس الوزراء. وفي 16 أغسطس/آب، أدين بالمشاركة في «تجمع غير مشروع» و«زعزعة النظام العام» وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، خفِّضت إلى سنتين في ديسمبر/كانون الأول. واعتبرته منظمة العفو الدولية خلال هذه الفترة سجين رأي.
واعتقلت زينب الخواجة لستة أشهر، ابتداء من أبريل/نيسان، لتنظيمها اعتصاماً احتجاجياً ضد اعتقال والدها وضد الانتهاكات الأخرى لحقوق الإنسان. وقُبض عليها مجدداً في أغسطس/آب وحكم عليها بالسجن مدة شهرين لتمزيقها صورة للملك. وأفرج عنها بكفالة في أكتوبر/تشرين الأول، ولكن قبض عليها من جديد في ديسمبر/كانون الأول وحكم عليها بالسجن شهراً واحداً في انتظار تهم أخرى. وأفرج عنها في نهاية السنة. وفي أغسطس/آب، حث عدة مقررين خاصين تابعين للأمم المتحدة الحكومة البحرينية، في بيان مشترك، على التوقف عن مضايقة المدافعين عن حقوق الإنسان.
سجناء الرأي لا يزال سجناء رأي، بينهم أولئك الذين حكم عليهم بالعلاقة مع الاحتجاجات الشعبية العارمة في 2011، وراء القضبان. وعلى ما يبدو، فقد استهدف هؤلاء بسبب آرائهم المناهضة للحكم. إذ يقضي إبراهيم شريف، وعبد الله الخواجة، و11 قيادياً آخر من منتقدي الحكم أحكاماً بالسجن تتراوح بين خمس سنوات والسجن المؤبد. وجرى تأكيد إداناتهم والأحكام الصادرة بحقهم في سبتمبر/أيلول. حيث أدينوا بتشكيل مجموعات إرهابية للإطاحة بالحكم وتغيير الدستور، وبتهم أخرى أنكروها، وذلك رغم عدم وجود أدلة على أنهم قد استخدموا العنف أو دعوا إليه.
وأيدت محكمة الاستئناف العليا الجنائية في أكتوبر/تشرين الأول الحكم الصادر بحق مهدي عيسى مهدي أبو ديب، الرئيس السابق «لجمعية المعلمين البحرينية»، لكنها خفضت الحكم السابق الصادر بحقه من 10 إلى خمس سنوات. وكانت محكمة عسكرية تفتقر إلى النزاهة قد أدانته، في سبتمبر/أيلول 2011، بالدعوة إلى إضراب للمعلمين، وبالتحريض على كراهية الحكم والسعي إلى الإطاحة به بالقوة، رغم عدم توافر أية أدلة تسند هذه التهم. وقبض على ستة من المهنيين الصحيين، بمن فيهم علي عيسى منصور العكري وغسان أحمد علي ضيف، في أكتوبر/تشرين الأول، عقب يوم واحد من تأكيد محكمة النقض (التمييز) إداناتهم وتأييدها أحكاماً مخفَّضة عن تلك التي صدرت بحقهم في يونيو/حزيران، حيث أصبحت تتراوح ما بين السجن شهراً واحداً وخمس سنوات. وكانت أحكام بالسجن ما بين خمس سنوات و15 سنة قد صدرت بحقهم، في الأصل، عقب محاكمة تفتقر إلى النزاهة في سبتمبر/أيلول 2011. وردّت محكمة الاستئناف الإدانات الصادرة بحق عدة أشخاص آخرين.
حرية التجمع في 30 أكتوبر/تشرين الأول حظر وزير الداخلية جميع المسيرات والتجمعات زاعما أنها سمحت للأشخاص بالتعبير عن معارضتهم للحكومة وأدت إلى أعمال شغب وعنف وتدمير الممتلكات. وقال إن الحظر سوف يستمر إلى حين "استتباب الأمن"، وإن أي شخص يخرق الحظرسوف يقدم إلى المحاكمة. ورفع الحظر في ديسمبر/كانون الأول، واعلنت وزارة الداخلية مقترحا لتعديل "قانون الاجتماعات العامة والتجمعات والمسيرات" يفرض قيودا على الحق في حرية التجمع. اعتقل سيد يوسف المحافظة، وهو ناشط لحقوق الإنسان، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني لحضوره تجمعاً غير مرخص به عقد لتوثيق تصرفات الشرطة تجاه المحتجين. وأفرج عنه عقب أسبوعين، وأسقطت عنه التهم المتعلقة «بالتجمع غير المشروع». وقبض عليه مجدداً في ديسمبر/كانون الأول ووجهت إليه تهمة «نشر أنباء كاذبة».
عقوبة الإعدام صدر حكم واحد بالإعدام في مارس/آذار، حسبما ورد، وأيدته محكمة الاستئناف في نوفمبر/ تشرين الثاني. ولم ينفذ أي أحكام بالإعدام. وألغت محكمة النقض حكمين بالإعدام أصدرتهما محكمة عسكرية في 2011، وأعيدت محاكمة المتهميْن أمام محكمة مدنية.