
ندوة لمنتدى البحرين في مناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب لمشاهدة وقائع الندوة اضغط هنا نظّم منتدى البحرين لحقوق الإنسان ندوة افتراضية في مناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، 26 يونيو/ حزيران 2025، تحدّث فيها كل من غنى رباعي الباحثة في منتدى البحرين لحقوق الانسان، ابتسام الصايغ مسؤولة الرصد والتوثيق في منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الانسان، وزينب خميس رئيسة لجنة الرصد والتوثيق في الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، بإدارة الاعلامي أحمد المتغوّي. رباعي: إنّ الوتيرة المستمرة في معاقبة معتقلي الرأي والامتناع والتعميم الاعلامي على ما يتعرّضون له، تشير إلى أنّ الخطوات الرسمية الواجب اتخاذها في سبيل إنهاء الأزمة الحقوقية في البحرين لا تؤخذ بعين الاعتبار من قِبَل سلطات البحرين في كلمتها، قالت غنى رباعي الباحثة في منتدى البحرين لحقوق الانسان أنّ ضحايا التعذيب في البحرين ما زالوا يعانون من استمرار التعتيم على واقع ما يتعرّض له معتقلو الرأي في مراكز الاحتجاز منذ لحظة اعتقالهم وفي غرف التحقيق وما يلاقيه السجناء من تعذيب وسوء معاملة وإهمال ممنهج في الوضع الصحي لهم في السجون، مذكّرةً بحالات الوفاة التي حصلت بين معتقلي الرأي إلى حد وفاة بعض معتقلي الرأي والتي حصلت نتيجة التضييق عليهم وتجاهل تدهور حالاتهم الصحية التي كانت تتطلّب التدارك بشكل مُلِح، بحسب ما عبّرت عنه رباعي. وأكّدت رباعي أن هذه المنهجية في معاملة المعتقلين لم تتغيّر، إذ إنّ إجراءات زج المعتقلين في السجن الانفرادي وضربهم بشكل مبرح ومصادرة مقنياتهم ومنها أدويتهم وأدوات علاجهم وتكبيلهم لساعات طويلة وحرمانهم من حقوقهم بالاتصال بعوائلهم وحرمانهم من الخروج من الزنازين الضيقة المكتظة وغيرها من إجراءات التعذيب الجسدي والنفسي على المعتقلين، ما زالت تحصل ولأسباب غير مبررة مثل مطالبة المعتقلين بحق ممارسة بعض الشعائر الدينية أو المطالبة بالعلاج أو إعلان التضامن مع الشعوب التي تعرضت لعدوان إسرائيلي أو المطالبة بحق حضور تشييع الأهل المتوفّين أو الاحتجاج على التضييق المستمر، أو دون أسباب معلنة. وشدّدت رباعي على أنّ الوتيرة المستمرة في معاقبة معتقلي الرأي إلى جانب الامتناع عن الاعتراف بصفتهم كمعتقلي رأي والتعميم الاعلامي عمّا يتعرّضون له، تشير إلى أنّ الخطوات الرسمية الواجب اتخاذها في سبيل إنهاء الأزمة الحقوقية في البحرين لا تؤخذ بعين الاعتبار من قِبَل سلطات البحرين رغم وجوب تطبيقها من غير شرط، وأنّ ما ينتظره ضحايا التعذيب في البحرين يبدأ بوضع حد لممارسات التعذيب والاعتراف بما تعرّض له المعتقلون من انتهاكات لحقوقهم والتعويض المنصف لهم ومحاسبة المرتكبين بما يوازي الجرائم التي ارتكبوها بغض النظر عن صفاتهم الرسمية والمراكز الرسمية التي يشغلونها ما داموا متورّطين في تعذيب معتقلين. وختمت رباعي بالقول "إنّ العدالة المجتزأة ليست عدالة، وهي حتماً ليست ضمانة لعدم تكرار ارتكاب نفس الانتهاكات بحق الأبرياء في المستقبل. لذا فإنّ السلطات البحرينية مطالبة اليوم بتطبيق عدالة انتقالية كاملة تعيد وتؤصّل الأمان وحرية التعبير للمواطن البحريني دون أن يستشعر خطر الاضطهاد والملاحقة التعسفية في وطنه، لمجرّد أن عبّر عن رأيه أو طالب بحق". الصايغ: حول واقع ما بعد الافراج عن الضحايا: "يتحوّل السجن من مكان محدود الجدران، إلى سجن أوسع. سجن الإهمال والتهميش والخذلان المجتمعي الذي يجعل الضحية يصارع من أجل الحياة ولقمة العيش". وفي مداخلتها ركّزت ابتسام الصايغ مسؤولة الرصد والتوثيق في منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الانسان، على واقع ضحايا التعذيب بعد الافراج عنهم، معلّقة أنّ واقع ما بعد الافراج لا يقل قسوة عن التعذيب بل قد يكون أشد. إنّ غياب الدعم المتخصّص لإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي هو الحاجز الأول أمام التعافي الحقيقي [من آثار التعذيب]. وأشارت الصايغ إلى تجربتها الشخصية كمعتقلة رأي سابقة وكضحية تعذيب بالقول: "يُفرَج عنّا جسدياً، لكنّنا نبقى أسرى الذكريات. فأنا ما زلت أذكر لحظة تعصيب العينين ورائحة السيجارة التي كان يستلذّ بها الجلاد وهو يعذّبني. وإلى اليوم، بعد ثمانية سنوات من الافراج عنّي، لا أستطيع النوم في الظلمة". وأكّدت الصايغ أنّ تلك الذكريات ليست استثناءً، بل هي واقع ما يعيشه مئات ضحايا التعذيب. وأنّ ما يفاقم الألم عليهم هو أنّهم يصتدمون بخوف وصمت المجتمع [عن المطالبة الجدية بحقوق الضحايا] واكتفاء بعض أفراد المجتمع بإدلاء روايات تعذيبهم في المناسبات. وشدّدت الصايغ على أنّ ما يحتاجه ضحايا التعذيب في البحرين هو احتضان مجتمعي حقيقي، كما أنّهم يواجهون تمييزاً ممنهجاً إذ عوضاً عن جبر الضرر يُحرمون من حقوق أساسية مثل شهادات "حسن السير والسلوك" التي هي شرط أساسي للالتحاق بوظائف كثيرة، بل يُكتفى بمنحهم شهادات "عدم ممانعة من العمل" وهي توحي بأنّ أهليتهم للعمل ناقصة وتحتاج تقييم خاص. وبعض ضحايا التعذيب والاعتقال التعسفي محرومون من حق امتلاك المسكن أو من السفر أو من الدخول إلى دول خليجية مجاورة بشكل خاص، ويطال الحرمان عوائلهم أحياناً، بسبب التهم الملفّقة [التي اعتقلوا على أساسها] التي لا تُمحى من سجلّاتهم الأمنية. وعبّرت الصايغ أنّ "في ظل هذا الواقع، يتحوّل السجن من مكان محدود الجدران، إلى سجن أوسع. سجن الإهمال والتهميش والخذلان المجتمعي الذي يجعل الضحية يصارع من أجل الحياة ولقمة العيش، بينما الجلاد طليق في منصبه الرسمي وربّما يُحتفى به أيضاً". وختمت الصايغ بالتأكيد على ضرورة عدم الاكتفاء بذِكر الضحايا، وإنّما وجوب تضمينهم في قلب السياسة والمطالب الحقوقية. "علينا أن نبدأ من حيث يتألّمون، لا من حيث نرتاح" قالت الصايغ في توضيح منهجية التعامل مع الضحايا، وأضافت "إنّ انصاف الضحايا لا يكون ببيانات الشجب، بل بتأسيس واقع جديد يعيد إليهم ما سلب منهم: الأمان، والكرامة، والحق في الحياة الكريمة". خميس: من أجل انصاف الضحايا يجب أن يكون هناك مقاربة شاملة وكاملة حول مبادئ العدالة الانتقالية في كلمتها، أكّدت زينب خميس رئيسة لجنة الرصد والتوثيق في الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، على أنّ منع التعذيب ليس خياراً، وإنّما هو التزام قانوني وأخلاقي على كل الدول. وأنّ هناك ضحايا تعذيب في البحرين ما زالوا يعانون من الآثار النفسية والجسدية للتعذيب الذي تعرضوا له في مراحل مختلفة من اعتقالهم، سواءً في غرف التحقيق أو في مختلف مراكز الاحتجاز، وأنّ التعذيب أثّر حتى على ثقة الضحايا بمدى تحقيق العدالة في البلد. وقالت خميس أنّ من أجل انصاف الضحايا يجب أن يكون هناك مقاربة شاملة وكاملة حول مبادئ العدالة الانتقالية بأركانها الأربعة: اعتراف الدولة بحصول الانتهاكات منها التعذيب وأشكال أخرى من الانتهاكات بحق المواطنين، محاسبة المسؤولين عن التعذيب عبر تحقيق جاد ومستقل وشفاف يضمن عدم إعادة ارتكاب الانتهاكات، التعويض وجبر الضرر للضحايا سواءً كان الضرر مادّي أو معنوي مثل رد الاعتبار وإرجاع الحقوق المدنية والسياسية، وضمان عدم التكرار عبر سن قوانين تنص على عدم تكرار الانتهاكات وتفعيل رقابة شاملة على مراكز الاحتجاز من أجل مراقبة تطبيق هذه القوانين. وأضافت خميس أنه يجب على الحكومة البحرينية أن تتبنّى قانون وطني للعدالة الانتقالية يستند على المعايير الدولية ويؤسس لآلية حقيقية للمصالحة تشمل هيئة مستقلة لكشف الحقيقة، وتوثق الانتهاكات التي حصلت وتشرك الضحايا في السياسات [التي تتبعها]، وإصلاح بعض المؤسسات الرسمية من أجل ضمان احترامها لحقوق الانسان. وختمت خميس بالتمنّي أن يتم مناقشة قانون للعدالة الانتقالية ضمن ورش العمل الحكومية حول الخطة الوطنية لحقوق الانسان لعامي 2027 و2031، من أجل معالجة آثار الانتهاكات السابقة ووضع أسس حقيقية للمصالحة والإصلاح المؤسسي. |