كلمة رئيس مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان د. نظام عساف في حفل افتتاح اعمال المؤتمر الحقوقي الدولي الرابع تحت عنوان غياب العدالة والاخلال بالالتزامات الدولية:
أيها الحضور الكريم اسمحوا لي بإسم مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان أن أشكر منتدى البحرين لحقوق الإنسان على تنظيم هذا المؤتمر، ويشرفني أن ألقي كلمة الشركاء الرئيسيون أتقدم بالشكر الجزيل للجهود المبذولة لعقد المؤتمر الحقوقي الدولي الرابع، والخاص بالبحرين حيث تغيب العدالة ويتضح الاخلال بالالتزامات الدولية. إن استمرار سياسة احتجاز حرية الرجال والنساء والقادة السياسيين والرموز الدينية وتعريضهم للتعذيب الممنهج، والاعتداء على المتظاهرين السلميين، ومداهمة المنازل، وغيرها من ممارسة قتل المواطنيين ...إن هذه السياسة ربما ستوصل الإدارة السياسية العليا في البحرين إلى طريق مسدود للحوار الذي يفضي للإستجابة لمطالب شعب البحرين المشروعة، والمرفوعة منذ اربعة سنوات ونيف. لقد تميز الحراك والاحتجاج الشعبي في البحرين خلال السنوات الأربعة المنصرمة بخصائص واضحة لا لبس فيها، وهي: السلمية أولاً ً، والمثابرة وطول النفس المنقطع النظير ثانياً، وتحمل القمع المفرط وانتهاكات الحقوق ثالثاً، والابداع في تنويع مظاهر الاحتجاجات السلمية رابعاً، وتجنب ردود الفعل باستخدام الوسائل العنفية خامساً. ومن المؤسف حقاً أن المجتمع الدولي، ولأسباب ليست خافية على أحد، خذل وما زال يخذل الشعب في البحرين، تماما كما خذل نفس المجتمع الدولي ومازال يخذل: الشعب الفلسطيني، من خلال سياسة الكيل بمكيالين فيما يخص حقوق الشعوب وحقوق الإنسان. والمؤسف أكثر محاولات البعض في تحريف طبيعة الصراع السياسي الجاري في البحرين بين الإدارة السياسية ومن يؤيدها من جهة والشعب من جهة ثانية، وتصويره، أي تصوير هذا الصراع، كما لو انه صراعاً طائفياً ومذهبياً على الرغم من رفع الشعار الواضح من قبل المشاركين والمشاركات في الاحتجاجات الشعبية:"سنة وشيعة ...هذا الشعب ما نبيعه". وربما ليس صدفة أن نسمع هذه الأيام ذات التحريف لحقيقة الصراع السياسي في اليمن وتصويره، أيضاً، على أنه صراع طائفي ومذهبي لتبرير العدوان السعودي الأمريكي على الشعب اليمني والدولة اليمنية. وهنا اسمحوا لي أن أحيي صمود الشعب العربي اليمني في مواجهة آلة الدمارالعسكرية وارهاب الدولة.
أيها الحضور الكريم،،، شهدت البحرين بعد الاحتجاجات السلمية التي حدثت في 14 فبراير/ شباط 2011 تدهوراً في حالة حقوق الإنسان جراء القمع المفرط والعنيف، وقد وثق تقرير بسيوني الشهير أكثر من 50 نوعاً من أنواع الإنتهاكات، ومنذ 2011 حتى الآن كانت الحصيلة تعرض 9000 مواطن بحريني للاعتقال التعسفي لأسباب سياسية وطائفية، وسقوط أكثر من 150 ضحية قتلوا خارج اطار القانون، و٤٧٠٠ مواطنا فصلوا من العمل، وتم هدم ٣٨ مسجدًا، واعتقال 300 امرأة، وأكثر من 450 طفلاً بحرينياً تعرض للاعتقال أو الحجز أو المحاكمة، واسقاط الجنسية عن 115 مواطنا أغلبهم من المعارضين السياسيين، و1500 مصاب، فضلًا عن استهداف جمعيّات المجتمع المدني ّوالجمعيّات السياسيّة وغلق بعضها وملاحقة بعضٍ منه قضائيًّا، إلى جانب اكتظاظ السجون بالسجناء والمعتقلين، وحل المجلس الإسلامي العلمائي أكبر هيئة دينية للطائفة الشيعية في البحرين، واعتقال قيادات ورموز المعارضة، وآخرهم زعيم المعارضة الشيخ علي سلمان الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية. كل هذه الإنتهاكات جعلت الكثير من تقارير المنظمات الحقوقية الدولية تستعرض الواقع الحقوقي السيء في البحرين، وقد صنّفت البحرين في 2014 من بين أسوأ عشر دول في العالم من حيث الترتيب الديمقراطي، وذلك بحسب مقياس "الترتيب الديمقراطي العالمي" ،المقياس السنوي الذي تصدره Democracy Ranking Association وهي منظمة غيرربحية مقرها النمسا. أما منظمة "فريدوم هاوس" فقد صنفت البحرين من بين أسوأ عشر دول في العالم في حرية الصحافة، واستمرّت في تصنيف البحرين ضمن الدول "غيرالحرة" في الحريات المدنية والحقوق السياسية للعام الرابع على التوالي، واعتبرت أنها "ضمن أكثردول العالم تراجعاً في الحرية" ما بين العامين 2009 و2013. وهنا نتمنى على الإدارة العليا في البحرين، حقنا لمزيد من العذابات وكسباً للوقت، بضرورة الإصغاء لمطالب الشعب المشروعة في الحرية والعدالة وتداول السلطة دون تهميش أو اقصاء لأحد، والدخول في حوار حقيقي وبناء مع الأحزاب السياسية والقوى المجتمعية، ونصيحتنا هنا: إن أي ادارة سياسية عليا في أي بلد كان تستطيع أن تستأجر أي شىء من الخارج باستثناء استئجار شعب ليحل محل السكان الأصليين. ولعل في مبادرة الادارة العليا في البحرين باطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين،إن حصلت، ما يوفر مدخلاً مناسباً وجاداً للحوار الوطني نحو اصلاح سياسي يرتكز على حق الشعب في أن يكون مصدراً للسلطات وبناء دولة مدنية ديمقراطية يكون فيها سعادة وكرامة كل مواطن ومواطنة شرطاً ضرورياً لسعادة وكرامة المجتمع كله. أيها الحضور الكريم،،، في الختام، أتمنى أن يخرج مؤتمرنا بنتائج تسهم في دعم الحراك السلمي للشعب في البحرين وصولا لحوار وطني حقيقي يستجيب لمطالب الشعب العادلة والمشروعة والمستندة إلى حق الشعب أن يكون مصدراً للسلطاتً. الحرية لكل المناضلين المعتقلين بسبب آرائهم السياسية وفي مقدمتهم سماحة الشيخ علي سلمان الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الاسلامية، والرفيق ابراهيم شريف الأمين العام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي والزملاء عبد الهادي الخواجا ونبيل رجب. ومن هنا نطالب بالافراج الفوري عن كل المعتقلين السياسيين. المجد للشعب البحريني في حراكه السلمي وابداعه النضالي وتضحياته الكبيرة في سبيل تحقيق أهدافه المشروعة، معربين له عن تضامننا الحقوقي والأخلاقي معه بلا حدود.
|