يدرك الروس أن ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تحولات وحراك شعبي من شأنه أن يرسم معالم المنطقة وبالتالي الصراع الدولي للمستقبل، فيتابع الرأي العام الروسي المتغيرات في المنطقة كما أنه مهتم بما يجري في البحرين من أحداث يجهل الكثير من تفاصيلها، حسبما يشير سعيد غفوروف، رئيس تحرير مجلة "الناتج القومي" الروسية. وفي حديث خاص على هامش مشاركته في المؤتمر الدولي لدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، الذي استضافته العاصمة اللبنانية بيروت الأسبوع الماضي، أوضح الصحافي الروسي خلفيات المشاركة الروسية اللافتة في المؤتمر الحقوقي، مشيراً أن هناك اهتماما روسيا بالإطلاع على حقيقة ما يجري في البحرين، سواء عن خلفيات الحراك الشعبي أو عن الدوافع التي تقف وراء تعاطي النظام بشراسة مع حراك سلمي.
وأضاف: "في السنة الماضية كتبت مقالين تعمقت فيهما بالموضوع البحريني، وتعرضت في ما كتبت للأحداث التي جرت والتي دفعت إلى دخول القوات السعودية كجيش أجنبي لقمع الشعب البحريني.. إلا أن مشاركتنا في هذا المؤتمر أظهرت لنا أن معلوماتنا عما يُرتكب من جرائم بحق المدنيين ناقصة جداً".
"نعرف مثلاً أنه تم اعتقال بعض الشعراء في البحرين لأنهم كتبوا قصائد عبروا فيها عن مواقفهم.. وهذا نعده جريمة بحق حرية التعبير، إذ كيف للسلطة أن تشعر بخطر التهديد من كتابة قصيدة؟! كما سمعنا عن اعتقال العشرات من الناشطين السياسيين والحقوقيين وحتى من المدنيين إلا أننا كنّا نجهل التفاصيل"، يقول غفوروف.
ويتابع بأن التفاصيل التي اطلع عليها الوفد الروسي خلال المؤتمر شكلت لهم صدمة، حتى أنهم صُعقوا عندما علموا أن عدد الأطفال المعتقلين في السجون السياسية تجاوز الثمانين طفلاً، وأن من بينهم من خضع للمحاكمات بتهم سياسية.
ويؤكد الصحافي الروسي أن الوفد الروسي شارك في المؤتمر الذي نظمه منتدى البحرين لحقوق الإنسان بهدف الإطلاع على تطورات الأوضاع في البحرين، لافتاً أن الوفد سيسعى إلى تشكيل شبكة معلومات بين صحافيين روس مهتمين بالشأن البحريني وبين أصدقاء شاركوا في المؤتمر، وأن هذه الشبكة ستسعى للعمل على إطلاع الرأي العام الروسي على حقيقة ما يجري. وأضاف أن لديه قناعة بأن الحراك البحريني هو ضحية للتغطية الإعلامية العربية والأجنبية، التي تموّل من دوائر القرار التي ترتأي ألا مصلحة لها في إبراز الوجه البشع للنظام البحريني.
التدخل في شؤون البحرين كان باستقدام جيوش أجنبية لقتل الشعب
ويرفض وصف تضامن الوفد الروسي مع الشعب البحريني على أنه تدخل في الشؤون البحرينية الداخلية، معتبراً أن الوصف ينطبق على الجيوش الأجنبية التي استُقدمت لقمع المدنيين وقتلهم، مشيراً أن "إعلان التضامن مع شعب تنتهك حقوقه بدم بارد وسط صمت إعلامي ودولي، ليس تدخلاً بل هو تعبير عن موقف إنساني تجاه قضية أراها محقة، أما التدخل فهو فرض وتدعيم نظام يقتل شعبه ويرفضه البحرينيون".
"رأينا بعض الدول الخليجية كيف أرسلت جيوشها لتدعيم نظام يرفضه شعب البحرين، فيما ترسل إلى دول أخرى جماعات وتسلحها لتسقط أنظمة بسبب مواقف شخصية.. نحن بالتحديد لا نفهم أي سياسة تحكم هذه الدول".
واعتبر غفوروف أن هناك أنظمة عربية مشاركة في جرائم النظام البحريني ضد شعبه، وهي بالإضافة إلى السعودية التي استقدمت جيشها لقتل البحرينيين في قراهم ومدنهم، الدول الأخرى التي منعت النشطاء من دخول أراضيها، إمعاناً منها في كتم الصوت البحريني ورغبة منها في الإبقاء على ضبابية ما ينقل عن الثورة البحرينية.
"نحن لا نريد ثورة ودم في البحرين، بل نتمنى أن تنتهي الأزمة بحل سياسي يرضي الجميع ويلبي طموحات الشعب.. وهنا نرى بأن مسؤولية الأحداث المؤلمة التي تشهدها البحرين تتحملها الحكومة، لأنها تملك زمام المبادرة وقادرة على حسم أي موقف من خلال إطلاق حوار وطني يضم جميع الأطراف سواء مؤيدة للنظام أو تلك المعارضة" أردف الصحافي الروسي.
وقال: "ليس هناك أي مطلب سياسي يستحق أن يُرد عليه بالرصاص وزهق الأرواح، فكيف إذا كان المطلب لا ينادي بإسقاط نظام بل بإصلاحه؟" خاتماً: "الشعب البحريني طالب بالإصلاحات فكان أن دفع ثمناً باهظاً من التضحيات مقابل ذلك، فلو قبل الملك بما طالب به الشعب من ملكية دستورية، بأن يكون النظام الملكي في البحرين مشابهاً لما هو في بريطانيا أو هولندا، مع وجود حكومة منتخبة تعبر عن تطلعات الجميع فروسيا لن تترد بالترحيب بذلك".
|