دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين". تحت هذا العنوان اختار منتدى البحرين لحقوق الإنسان تنظيم مؤتمره السنوي الثاني، الذي سيكشل مفاجأة للسلطات البحرينية على أكثر من صعيد، حسبما يؤكد المسؤولون عن المؤتمر. وفي مقابلة خاصة، يشرح رئيس منتدى البحرين لحقوق الانسان يوسف ربيع أن ما يميّز المؤتمر المزمع عقده يومي 12 و13 كانون أول/ ديسمبر هي محاوره، التي تم اختيارها بعناية كونها تشكل مطالب مشتركة لمختلف مكونات الشعب البحريني. وهي ستركز على أمرين: التحوّل الديمقراطي والالتزام بالمعايير الدولية في مجال حقوق الانسان التي انتهكت في الحالة البحرينية. والتحوّل هذا العام سيتمثل في المشاركة الدولية اللافتة، إذ يشير ربيع إلى أن هناك مشاركين من 20 دولة عربية وأجنبية، وممثلين عما يزيد عن 12 منظمة حقوقية. ويوضح أن اللجنة التحضيرية للمؤتمر إهتمت بأن يكون المشاركين ممن يمتلكون قدرة التأثير على صناعة القرار كل من موقعه، مبيناً أن من بين المشاركين شخصيات رسمية كنواب وأعضاء حكومات وآخرين من المهتمين بالعمل الحقوقي ومجال الحريات ومدافعين عن الديمقراطية.
ويرى بأن من انجازات المؤتمر التي بدأت تتحقق كسر الحملة التي تقودها الحكومة البحرينية للترويج لنفسها عبر شركات العلاقات العامة، مضيفاً أنه على مدى اليومين المقبلين سيُعرض على المشاركين من المجتمع الدولي الكم الكبير من الانتهاكات التي ارتكبتها السلطات، وبالمقابل ستتضح بساطة وانسانية مطالب البحرينيين، وبالتالي فإن صورة السلطة التي كلفتها أكثر من 32 مليون دولار سوف تُكسر، والتي ذهبت هباءا مبثورا وهو من ضياع للمال العام.
ويؤكد رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان أن المؤسسات والمنظمات الحقوقية باتت تشكل قوة ضاغطة من شأنها أن تحرج الأنظمة الاستبدادية وتسهم في ايقاف انتهاكاتها.
إلى ذلك، يؤكد ربيع أن الشخصيات المشاركة سيشكل بعضها مفاجأة للسلطة، التي ستتساءل كيف تمكّن المنتدى من جمع هذا العدد الكبير من الشخصيات المهتمة بدعم الحريات وبحقوق الانسان بمن فيهم شخصيات دولية. ويوضح أن هناك مشاركات من دول صديقة وحليفة للنظام، وهي تشكل حالة اختراق للغطاء الأميركي - الاوروبي الداعم للحكومة البحرينية. وبالتالي ستُطرح تساؤلات حول سبب استمرار تأمين غطاء أميركي لعمليات القمع.. وعن الخلفيات التي تدفع بريطانيا في توفير الغطاء الأمني ومد الحكومة البحرينية بالأسلحة، عدا عن الاستشارات الأمنية والوجوه البريطانية التي استُقدمت للبحرين للاستفادة من خبراتها في قمع التحركات المطالبة بالديمقراطية. ويتابع ربيع، أن البحرينيين ينظرون إلى صمت المجتمع الدولي اليوم على أنه بات شريكاً في توفير أرضية يستفيد منها النظام للتمادي في الانتهاكات وعمليات القمع، لافتاً أن مؤتمر "دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين" سيطالب هذا المجتمع بالعودة إلى مسؤولياته الانسانية والدستورية، لأن للبحرينيين ما لسائر شعوب العالم من حقوق، وليس مقبولاً التحدث عن حقوق انسان في سورية أو مصر وليبيا مثلا وإغماض العين عن انتهاك هذه الحقوق في البحرين.
ويشير إلى أن أهمية المؤتمر الذي سينطلق اعتباراً من يوم الغد تكمن في نقاط ثلاث: أولاً، كون المشاركين يشكلون حالة من التعددية على الساحة الدولية وعلى مستوى القرار فالمفوضية الدولية التابعة للأمم المتحدة ستكون في عداد المشاركين، بالإضافة إلى شخصيات رسمية ممثلة عن العراق الذي يترأس حالياً الجامعة العربية، هذا إلى جانب عدد كبير من الشخصيات الروسية والأوروبية، والأهمية بحسب ربيع تكمن في أن هؤلاء سيعوّل عليهم لاحقاً لممارسة ضغوط لاتخاذ قرارات ليست مداهنة للحكومة البحرينية، بل تدفع لايجاد تسوية سياسية وحقوقية عادلة او لإدانة اي قرار للسلطات البحرينية من شأنه ان يكون مجحفاً بحق الشعب.
ثانياً، سيؤكد المؤتمر على ملاحقة المتورطين بارتكاب انتهاكات في البحرين مدنيين كانوا ام سياسيين، وبالتالي سيحث المؤتمر على مسألة رفع الدعاوى أمام المحاكم الدولية التي من شأنها ان تحرج السلطة ورموزه في الخارج، مؤكداً أن سياسة الإفلات من العقاب يجب أن تتوقف. ويذكر ربيع أن معلومات حصل عليها المنتدى تؤكد أن السياسيين البحرينيين الذين لوحقوا في محاكم أوروبية خفت حركتهم بالخارج كثيراً عما كانت عليه في السابق، حتى أنهم نُصحوا بعدم السفر خارج المملكة، مشيراً إلى أن ذلك نتيجة الضغط والملاحقة.
ثالثاً، يجزم ربيع أنه في الحالة البحرينية لعب الاعلام دور الأنظمة القامعة لشعوبها، لاسيما الاعلام العربي الذي مارس دور النظام الاستبدادي في التغطية على قمع البحرينيين وتشويه مطالب الشعب من خلال نقل صورة سيئة عن الحراك. لذا سيعمل المؤتمر على إيقاظ هذا الاعلام وتوجيه رسالة مفادها أنه في حال استمر في منهجه فسيُسجل عليه أنه شريك في القتل.
وعما إذا كان المنتدى يعوّل على تغييرات قد تنتج على اثر عقد هذا المؤتمر، يلفت رئيس منتدى البحرين لحقوق الانسان يوسف ربيع أن العمل الحقوقي تراكمي ومتواصل، قائلاً: "نحن لا ندعي أن هذه الخطوة ستدفع الحكومة البحرينية للإستسلام والجلوس إلى طاولة الحوار، لكننا نعتقد أن السلطة في البحرين ستكون محرجة بالحضور الدولي الواسع الذي سيقيّد يد السلطة، تماماً كما جرى سابقاً مع تقرير بسيوني وفي لقاءات جنيف. الحقوقيون ليس أمامهم الا ان يستمروا، وبالتالي كلما مضى السياسي في المطالبة ووقعت عليه انتهاكات ليس له الا الحقوقي في أن يكشف ضيمه وانتهاكاته، فالتلازم بين العملين الحقوقي والسياسي مهم جداً".
وأعاد ربيع التأكيد على أن المؤتمر حقوقي الطابع، لذا فإن لهجته ستكون أقوى تأثيراً، مكرراً بأن المفاجأة ستكون فيما ينتج من توصيات وقرارات ستدوّن بعقل دولي جماعي.
وجزم الحقوقي البحريني أن "المنتدى لن ينجر إلى ملفات أخرى، لأن هناك صمتا دوليا مطبقا عن الملف البحريني المثقل بالانتهاكات والتعديات، ولكون الملفات الأخرى لها دول تلهث وراءها." ويؤكد يوسف ربيع أن ما وصل له منتدى البحرين لحقوق الانسان من قدرة على تنظيم مؤتمر بهذا الحجم هو نتاج حركة المنتدى وعمله الدؤوب، لافتاً أن المنتدى خلال عام كامل عمل على إنجاز توصيات مؤتمره السابق وخصوصاً ما له علاقة بالملاحقات الجنائية، فأقدم على رفع دعوى قضائية على المشير خليفة بن أحمد آل خليفة قائد الجيش والحاكم العرفي في فترة السلامة الوطنية او ما يعرف بحالة الطوارئ، ومؤخراً تم رفع قضية أخرى ضد أبناء الملك بسبب تورطهم بارتكاب انتهاكات.
وفي ختام حديثه، أشار إلى أن المنتدى في حالة تواصل مستمر مع الأوساط التي تبدو فكرتها عن الحالة البحرينية إما مسيّسة أو مغلوطة أو مطأفنة، موضحاً أن المنتدى زار مصر والتقى بشخصيات وأوساط متعددة اوضح لهم حقيقة ما يدور في البحرين، أيضاً في جنيف وفي تونس ولبنان. وقال ربيع: "هناك إعلام مضاد مسيس ومضلل ويغدق عليه المال السياسي العربي يعمل على تشويه ثورة البحرين وربطها بحيز طائفة او بأن لهؤلاء أجندة خارجية صنيعة دول اخرى.. وقد تمكنا لحد كبير من كسر هذه الصورة. غداً سنستضيف وفودا كبيرة من مصر وتونس وبقية الدول العربية، وستكون هذه المشاركات بمثابة ثمار لحركة وجهود المنتدى في تواصله مع الجهات الحقوقية، وتعبيراً عن تقدير هذه الجهات والشخصيات للبحرينيين وثورتهم ومطالبتهم الإنسانية".
المصدر: موقع المنار http://www.almanar.com.lb/adetails.php?fromval=1&cid=21&frid=21&eid=370781
|