عضو لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان المحامي البريطاني بيت ويذربي: لا أستطيع تصور أي حلول أو عدالة في البحرين فيما المعتقلون ما يزالون في السجون.
مرآة البحرين (خاص): التقت مرآة البحرين، على هامش المؤتمر الدولي الثالث: "البحرين: الانتهاكات المستمرة والإفلات من العقاب" والذي نظّمه منتدى البحرين لحقوق الإنسان بالتعاون مع مرصد البحرين لحقوق الإنسان، بالمحامي المدافع عن حقوق الإنسان بيت ويذربي Pete Weatherby ، والذي يعمل مع لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان.
مرآة البحرين: السيد بيت ويذربي، نعلم أنك مدافع عن حقوق الإنسان في العالم. ما الذي جعلك مهتمًا بقضية البحرين؟
بيت ويذربي: أعمل في مجال حقوق الإنسان منذ سنوات عدة، وقد اهتممت بقضية البحرين منذ فترة. أنا منخرط في العمل القانوني في عدد من البلدان وأعمل مع منظمة مختصة بهذا المجال. أنا هنا في لبنان في مبادرة شخصية للمشاركة في هذا المؤتمر حول البحرين. طُلِب منّا منذ بضع سنوات إجراء تحقيق حول مزاعم التعذيب، وهكذا ذهبت إلى البحرين في العام 2010 مرتين، حيث يوجد الكثير من المحامين الذين لديهم مهام مماثلة. التقيت بالكثير من الأشخاص من كل الجهات، سواء كانوا وزراء، مسؤولين رسميين، معتقلين، مدافعين عن حقوق الإنسان، محامين ورجال أعمال. كما حضرت محاكمات عدة سواء كانت سياسية أو محاكمات لمتظاهرين. كنت أجمع ما يمكنني جمعه من المعلومات وحاولت أن أقدم تقريرًا موضوعيًا كمحامٍ. حاولت قدر الإمكان الحصول على صورة شاملة عن الوضع لكي استطيع العمل بأفضل طريقة مناسبة. التزمت أيضًا بالعمل تجاه الحكومة وكنت صريحًا جدًا معهم حيث أني أقول رأيي من دون أي مواربة. كنت مهذبًا جدًا معهم وأخبرتهم عن رأيي باعتقال المصورين وتعذيب المعتقلين.
المرآة: ما الذي اكتشفته عندما ذهبت إلى البحرين وراقبت الوضع عن كثب؟
بيت ويذربي: كوني محاميًا، عليّ أن أكون حذرًا جدًا في التعامل مع المعلومات التي أحصل عليها. لست محققًا ولا شرطيًا لذلك لا أستطيع تجميع الأدلّة، لكني حصلت على الكثير من التوكيلات، وعلى الكثير من القصص الناس حول ما حدث. وقد حاولوا فرض الكثير عليّ ومنعي من الحضور في مرات عدّة للحصول على التفاصيل. ما أذهلني هو أنه لدى الحكومة الكثير من القضايا وهناك قلق كبير حول اختفاء المعتقلين ومصيرهم المجهول. كما أن بعض القوانين لا تتوافق مع المعايير الدّولية وهناك تساؤلات كبيرة حول استقلالية القضاء.في مداخلتي في المؤتمر، شرحت أن تقرير الوكالة السابق كان مهمًا جدًا لأنه في هذا الوقت في البحرين، في تشرين الثاني/نوفمبر 2011، كان مهمًا جدًا. حين خرجت، لم تستطع الحكومة البحرينية القول أن هذه الأشياء لم تحدث. ولهذا السبب بالذات عملي مهم جدًا. بعد هذا، حاولت مضاعفة جهودي بهدف إنجاز تغيير في البحرين. لا يهمني الوضع السياسي وليس من شأني القول للبحرينيين كيف ينظمون وضعهم السياسي. ولكن من واجبنا كلّنا حماية الضحايا ووقف انتهاكات حقوق الإنسان خاصة في البحرين. كثير من الأشخاص الذين التقيتهم في زيارتي في العام 2010 هم الآن في السجن ومنهم أحد الأطباء. التقيت به في مناسبات عدة وحاضرنا سوية في مجلس النواب في لندن ثم عاد إلى البحرين. تمّ اعتقاله بعد أسبوعين من أحداث فبراير/شباط 2011، وهو في السجن بسبب جرائم تتعلق بحرية التعبير عن الرأي ولكونه جزءًا من المعارضة وتتهمه الحكومة بالتآمر. إن الأدلة على هذه التجاوزات لدى الحكومة البحرينية محدودة جدًا حيث تزعم هذه الأخيرة أنهم يتآمرون ضد النظام. ولذلك من المهم جدًا عقد مثل هذه المؤتمرات التي تحث أشخاصًا مثلي على المجيء وطرح ما لديهم لكي يستطيع أشخاص مثل نبيل رجب وآخرين الحصول على العدالة. لا أستطيع تصور أي نوع من الحلول أو العدالة يمكن إرساؤها في البحرين فيما لا يزال المعتقلون في السجون. في بلدي لا يفعلون ذلك. إنه من المهم جدًا أن يتم احترام المعارضة في أي مجتمع حتى لو كان الناس لا يحبونها، ويجب السماح بها ليكون المجتمع منصفًا.
المرآة: في المؤتمر، تحدثت المحامية الأمريكية السيدة آبي جولز Abbe Jolles عن مسألة جلب المجرمين إلى المحكمة الجنائية الدوليةICC . ما هو رأيك بذلك؟
بيت ويذربي: هناك احتمالان في هذا الموضوع. لكن في بادئ الأمر علينا أن لا ننسى أن البحرين وقّعت على الاتفاقية لكنها لم تصادق عليها. يبدو أن ما تريده البحرين هو أن تكون جزءًا من النظام الدولي ضد جرائم الحرب ولكن ليس وفقًا لاتفاقية لم تصادق عليها. لقد وعدت بالمصادقة عليها في العام 2007 وما زلنا ننتظر حصول ذلك.
بالنسبة للنمحكمة الجنائية الدولية، توجد مشاكل عدة، لذلك يمكنكم تصور الأمر في حال تم جلب البحرين إليها. أعتقد أني مُحق في القول أنه تمت فقط محاكمة المتهمين من أفريقيا هناك.
القانون الأساسي يعتمد على الردود من البلد، ولذلك إذا تم ارتكاب جريمة- وهناك أعداد كبيرة من الجرائم التي تم ارتكابها- يمكن محاكمتها قضائيًا في أي بلد، حيث يوجد قوانين جدية، وهذا الأمر مقبول على الصعيد الدولي، والتعذيب إحدى هذه الجرائم. لكنه لم يكن جريمة دولية منذ مدىً طويل، والقانون لا يزال قيد التطوير بحيث يكون من الممكن محاكمة الجرائم الأجنبية أو ادعاءات التعذيب . هذا صعب جدًا في المملكة المتحدة وهو شبه مستحيل. لكنه من السهل جدًا محاولة اتخاذ إجراءات قانونية ضد البلدان التي هي صديقة للمملكة المتحدة.
المرآة: أثناء حديثنا، ذكرت بأنك لا تستطيع الحصول على تأشيرة دخول إلى البحرين؟ بيت ويذربي: تم منعي من دخول البحرين في ديسمبر/كانون الأول الماضي، لكن للمصداقية أشير إلى أن الحكومة اعتذرت عن هذا الأمر وقالوا لي أنني أستطيع زيارة البحرين الآن. وسأفعل ذلك طبعًا لكني لا أستطيع أن أحدد الوقت. أنا أنتظر بفارغ الصبر العودة إلى هذا البلد حيث لدي الكثير من الأصدقاء ومن المحزن أن معظمهم في السجن. وأكرر القول أني كمحام، كنت حذرًا جدًا وموضوعيًا إلى أبعد الحدود وأعقد الصداقات مع أشخاص من كل الاتجاهات. قلت للأصدقاء الذين يؤيدون الحكومة أنه عليهم قراءة تقرير لجنة تقصي الحقائق المستقلة لا أن يصدقوا ما أقول، حيث أن هذا التقرير صادر بتكليف من الحكومة البحرينية، وحصل أمر سيء للغاية، ولا نستطيع الجدال حوله. كما أنه حين تذكر عبارة "الإفلات من العقاب"، فإنها تُحدث صدمة إذ أنهم وجدوا في التقرير أنه تم استخدام القوة المفرطة وإطلاق النار على المحتجين وقتلهم، وتعذيب المعتقلين حتى الموت، بعد كل هذه الاستنتاجات لم يحصل حتى أن فقد مسؤول منصبه أو أنه تعرض لأي ملاحقة قضائية. أدرك جيدًا أنه تم جلب بعض الموظفين إلى المحكمة لكني لا أستطيع تصور ما حصل معهم. لا أستطيع تصور بلدي في وضع كهذا. ولذلك أعتقد أنه من الصعب تصور التغيير الحقيقي إلا إذا شاركت كل الأطراف فيه بشكل جدي، وهذا يحصل حين نتعلم الدرس ونمضي قُدُمًا.
المرآة: هل من كلمة أخيرة توجهها لشعب البحرين وللمعتقلين عبد الهادي الخواجة ونبيل رجب والكثيرين غيرهم ممن لم تُعرف أسماؤهم؟
بيت ويذربي: قبل كل شيء، لست متأكدًا من عدد المعتقلين ولا أعتقد أن أحدًا غير الحكومة يعلم ذلك. إنه من المحزن جدًا بعد صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق المستقلة أنه لا يزال هناك الكثير من المحتجزين بتهمة التعبير عن الرأي، وأن الحكومة لا تزال تصف المحتجين بالإرهابيين. هذا واقع بغيض جدًا.
أقول للشعب البحريني أنه لا يجب التفاوض حول حقوق الإنسان سواء الآن أو في المستقبل، وحتى في حال تغير النظام. هناك حقوق أساسية يجب أن نحصل عليها جميعًا منها الحق في الحياة والحق في عدم الاحتجاز من دون أي أمر قضائي، والحق في عدم التعرض للتعذيب، وهي حقوق غير قابلة للتفاوض مهما كانت خلافاتنا ومناقشاتنا. ومن الصعب أن تؤمن بفعالية أي حراك طالما لا يزال أشخاص مثل نبيل رجب وعبد الهادي الخواجة في السجن. لذلك آمل أن تشعر الحكومة بأهمية ذلك وتفرج عن المعتقلين وتتخذ التدابير اللازمة لمنع تعذيبهم، وأن توقف اعتقال الأشخاص بجرم التعبير عن آرائهم. آمل أن يلتزم الجميع ليس فقط بمناظرات لطيفة مع الآخرين بل بحوار حقيقي يشاركون فيه على المستوى الحقيقي وحيث تبرز إرادتهم بالمضي قُدُمًا مع الشعب البحريني والتأكد من العمل وفقًا للقانون. قلت في هذا المؤتمر أن البحرين ماهرة جدًا في توقيع السلام على الأوراق وفي إطلاق الوعود، لكني أخشى أن الواقع أظهر أنهم ليسوا جيدين في حفظ هذه الوعود. |