ذكرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير أصدرته أمس الإثنين (17 يونيو/ حزيران 2013) أن إصدار قوانين جديدة وأحكام بالسجن لفترات طويلة بحق النشطاء يمثل تهديداً خطيراً لحرية تكوين الجمعيات في البحرين، كما أن السلطات هناك بالكاد تسمح للمعارضة السلمية بالتحرك.
وقالت إنه من خلال حزمة من القوانين المقيدة والسياسات التعسفية، بحسب المنظمة، فإن الحكومة تبعث رسالة واضحة مفادها أنها لن تتسامح بدعوات الإصلاح.
ودعت المنظمة الحلفاء الرئيسيين للبحرين مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى التوقف عن الادعاء بأن البحرين تسير في الاتجاه الصحيح. وأن عليهم أن يوضحوا مرة أخرى بشكل علني وفي لقاءاتهم الخاصة أن أي حوار جدي بشأن الإصلاح السياسي يتنافى مع حبس النشطاء السلميين، وفرض قوانين أكثر تقييداً من أي وقت مضى.
ويدرس هذا التقرير - الذي يتكون من 87 صفحة وحمل عنوان: «التدخل، التقييد، المراقبة: القيود المفروضة على حرية تكوين الجمعيات في البحرين» – يدرس القوانين والقيود المفروضة على الجمعيات المدنية والسياسية والنقابات العمالية، كما يشرح التقرير كيفية استغلال السلطات للقوانين غير العادلة، بحسب وصف المنظمة، لتقييد حرية التجمعات من خلال رفضها التعسفي لطلبات التسجيل وتطفلها بالإشراف على المنظمات المستقلة. لافتة إلى أن الحكومة تعمل للسيطرة على الجمعيات وحلها حين يقوم قادتها بانتقاد المسئولين أو أي سياسات حكومية، كما تحد من قدرتها على جمع المال والحصول على أي تمويل أجنبي.
واعتبر نائب مدير قسم الشرق الأوسط في منظمة «هيومن رايتس ووتش» جو ستورك أن «مشروع القانون الجديد للنقابات - تماماً مثل استمرار حبس نشطاء المعارضة، يظهران بشكل جلي كيف أن الحكومة تقوض جهود الإصلاح الحقيقي على جبهات عدة».
وقالت «هيومن رايتس ووتش»: «يتعين على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الضغط على حكومة البحرين من أجل الإفراج الفوري عن جميع أولئك الذين اعتقلوا لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي، ومن بينهم ثلاثة يحملون جنسية مزدوجة بين البحرين ودول أعضاء في الاتحاد الأوروبي».
ودعت المنظمة الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي إلى ممارسة الضغط العلني على البحرين لمراجعة مسودة مشروع قانون المنظمات والمؤسسات المدنية لجعل التشريعات أكثر تماشياً مع المعايير الدولية.
وأكدت أن «على الحلفاء الرئيسيين للبحرين مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة التوقف عن الادعاء بأن البحرين تسير في الاتجاه الصحيح. وأن عليهم أن يوضحوا مرة أخرى بشكل علني وفي لقاءاتهم الخاصة أن أي حوار جدي بشأن الإصلاح السياسي يتنافى مع حبس النشطاء السلميين، وفرض قوانين أكثر تقييدا من أي وقت مضى».
وقال جو ستورك: إن «الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون مع عدة وزراء تابعين إلى الاتحاد سيعقدون اجتماعاً مع نظرائهم في مجلس التعاون الخليجي في البحرين بتاريخ 30 يونيو/ حزيران». لافتاً إلى أنه «يجب عليهم أن يعربوا مسبقاً عن توقعاتهم بالإفراج عن السجناء السياسيين الرئيسيين قبل انعقاد القمة، بمن في ذلك المواطنون الثلاثة ذوو الجنسية المزدوجة».
وذكرت المنظمة أن الحكومة البحرينية أقرت في أغسطس/ آب الماضي مسودة مشروع قانون للمنظمات والمؤسسات المدنية من دون استشارة المنظمات المحلية، وقامت بإرساله إلى البرلمان في يناير / كانون الثاني 2013. وتعد مواد هذا القانون أكثر تقييداً من مسودة العام 2007، وفي كثير من النواحي أكثر سوءاً من قانون 1989 ساري المفعول.
فعلى سبيل المثال، يسمح مشروع القانون الحالي للسلطات رفض طلب تسجيل أي منظمة إن رأت السلطات أن «المجتمع ليس بحاجة إلى خدماتها أو في حال وجود جمعيات أخرى تلبي حاجة المجتمع». كما يحظر المشروع الحالي دعوة غير البحرينيين إلى المشاركة في الأنشطة والفعاليات من دون إذن صريح من وزارة التنمية الاجتماعية.
ويوثق هذا التقرير الصادر عن منظمة «هيومن رايتس ووتش» استغلال السلطات قانون الجمعيات للعام 1989، لممارسة الرفض التعسفي لطلبات التسجيل والإشراف على الجمعيات غير الحكومية. وحتى قبيل الأزمة السياسية التي حدثت العام 2011 استخدمت السلطات هذا القانون للتحكم بهذه الجمعيات وحلها حين مارس قادتها انتقادات لمسئولين حكوميين أو لسياساتهم.
وذكرت أنه في سبتمبر/ أيلول العام 2010، على سبيل المثال، أقدمت وزارة التنمية الاجتماعية على حل مجلس إدارة الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان واستبدلت رئيسها بمسئول وزاري وذلك بعد قيام الجمعية بانتقادها انتهاكات السلطة لإجراءات التقاضي العادلة ضد نشطاء المعارضة المحتجزين.
وفي العام 2001، حلت السلطات مركز البحرين لحقوق الإنسان حين انتقد رئيسُ المركز علنا الحكومة.
وأضافت أن وتيرة القمع ضد المنظمات المستقلة شهدت تزايداً في أعقاب الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية التي اجتاحت البحرين في فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2011. مشيرة إلى أن ثلاثة عشر من قادة المعارضة البارزين – يقود معظمهم جمعيات مدنية – لا يزالون قيد الاحتجاز إثر محاكمات افتقرت إلى العدالة، بحسب المنظمة، بشكل جلي. يقضي سبعة منهم أحكاماً بالسجن مدى الحياة. وقد أظهرت وثائق المحكمة أنهم أدينوا لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي.
وأردفت أنه في أبريل/ نيسان 2011، قامت وزارة التنمية بحل جمعية المعلمين البحرينية، واستبدلت مجلس إدارة جمعية الأطباء البحرينية بآخر موالٍ للحكومة بعد مساندة كلتا الجمعيتين المتظاهرين المطالبين بمزيد من الحقوق السياسية، كما أنها ألغت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، نتائج انتخابات جمعية المحامين البحرينية بعد انتخابها أعضاء إداريين ينظر إليهم أنهم من منتقدي الحكومة.
أما فيما يخص جماعات المعارضة السياسية، فإن السلطات، بحسب المنظمة، استخدمت قانون الجمعيات السياسية الحالي، وقانون التجمعات للعام 1973 وقانون الصحافة للعام 2002 لخنق حريتهم في تكوين الجمعيات، وحرية التعبير والتجمع السلمي. وكان من بين الذين اعتقلوا في العام 2011 الأمين العام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي اليسارية (وعد) إبراهيم شريف، وأمين عام جمعية العمل الإسلامي (أمل) الشيخ محمد علي المحفوظ.
وبينت أن في مايو/ أيار 2011، أجرى مجلس النواب تعديلاً على قانون التجمعات العامة لحظر التظاهرات بالقرب من «المستشفيات، المطارات، السفارات، القنصليات، والأماكن الاقتصادية الحيوية، أو أية أماكن ذات طبيعة أمنية»، وأن يطلب من المنظمين توفير ما يصل إلى 20 ألف دينار بحريني (53 ألف دولار أميركي) كتأمين للحفاظ على الأمن. كما يحق للسلطات رفض السماح لأي احتجاج بموجب مواد مبهمة، بما في ذلك التظاهرات التي قد «تضر بالمصالح الاقتصادية في البلد». لكن هذه التشريعات الجديدة تتطلب موافقة مجلس الشورى وتوقيع الملك حمد بن عيسى آل خليفة لتصبح قانوناً.
وأشارت إلى أنه بموجب قانون النقابات العمالية البحريني، لا يسمح لموظفي القطاع العام إنشاء نقابات عمالية، كما لا يسمح لهم الإضراب عن العمل في كثير من القطاعات الحيوية مثل «المخابز، وجميع وسائل نقل الأشخاص والبضائع، إضافة إلى المنشآت الأمنية.
ولفتت إلى أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد الدولي)، والذي تعد البحرين طرفاً فيه، ينص على احترام حقوق جميع الأشخاص في حرية تكوين الجمعيات والمشاركة في الشئون العامة، والسماح فقط بقيود ضيقة «ضرورية لأي مجتمع ديمقراطي» لحماية الأمن الوطني، السلامة العامة، النظام العام، الصحة والآداب العامة، وحقوق الآخرين وحرياتهم. إن القيود التي تفرضها القوانين البحرينية تتخطى بشكل جلي ما يسمح به القانون الدولي في هذا الصدد.
يقول ستورك: «تزعم الحكومة أن هذه الجماعات انتهكت القوانين البحرينية، لكن الحكومة في الحقيقة هي من تنتهك الالتزامات القانونية الدولية بتشريع القوانين الجائرة والسياسات القمعية».