| 
البحرين ومعاناة عديمي الجنسية: انتهاك ممنهج للحقوق الإنسانيةمحرر الموقع استمرت قضية إسقاط الجنسية في البحرين في إثارة القلق الحقوقي محليًا ودوليًا، بعدما تحولت الجنسية من حق قانوني للمواطن إلى وسيلة تستخدمها السلطات لمعاقبة المعارضين والنشطاء. هذه الممارسات خلّفت آثارًا إنسانية قاسية على عشرات الأسر التي وجد بعض أفرداها أنفسهم بلا هوية أو وطن، فيما يدفع بعض الأطفال الثمن الأكبر نتيجة حرمانهم من حقهم الطبيعي في الانتماء. جذور الأزمة والسياق السياسي تعود بداية الأزمة الحديثة إلى 7 نوفمبر/تشرين الأول 2012، حين أعلنت السلطات البحرينية إسقاط الجنسية عن 31 مواطنًا في قرار واحد شمل رجال دين ومحامين ونوابًا سابقين، بدعوى “الإضرار بأمن الدولة”. ومنذ عام 2011، وثّقت منظمات حقوقية إسقاط الجنسية عن ما لا يقل عن 986 شخصًا، تم تثبيت لاحقًا حق الجنسية لـ551 منهم، فيما لا يزال 435 مواطنًا بلا جنسية حتى اليوم. تؤكد منظمة العفو الدولية أن البحرين استخدمت هذه الإجراءات كأداة لمعاقبة المعارضين السلميين، عبر توظيف مواد قانونية فضفاضة لا تحدد بوضوح الأفعال التي تُعتبر “مضرة بأمن الدولة”، مما يفتح الباب أمام تفسيرات سياسية واسعة. الأطر القانونية المانحة لصلاحية إسقاط الجنسية تعتمد الحكومة البحرينية على نصوص قانونية تمنحها سلطة واسعة في هذا المجال، من أبرزها: المادة 10 من قانون الجنسية التي تخوّل وزير الداخلية إسقاط الجنسية عن أي شخص “يضر بأمن الدولة” أو “يتعاون مع دولة معادية”، دون وجود معايير محددة لتقييم هذه التهم. قانون مكافحة الإرهاب الذي توسع في تعريف “العمل الإرهابي”، ليشمل الأنشطة السياسية أو الحقوقية السلمية، ما جعل العديد من المعارضين عرضة لفقدان جنسيتهم. بهذه الصيغة، تحوّل القانون إلى أداة سياسية تتيح حرمان المواطن من حقوقه الأساسية بمجرد اختلافه في الرأي مع السلطة. المعاناة الإنسانية لعديمي الجنسية بعيدًا عن النصوص، تكشف الحياة اليومية لعديمي الجنسية في البحرين عن معاناة حقيقية تمسّ كل جوانب حياتهم. فبسبب فقدانهم الأوراق الرسمية، يُحرم هؤلاء من الخدمات الأساسية، أبرزها: الرعاية الصحية في المستشفيات الحكومية التي تشترط إبراز البطاقة الذكية. العمل، حيث تُسحب رخص المهن أو يُمنع الأشخاص من مزاولة مهنتهم، كما حدث مع المحامي تيمور كريمي الذي مُنع من العمل بعد أيام من إسقاط جنسيته. حرية التنقل، نتيجة عدم قدرتهم على الحصول على جوازات سفر أو بطاقات هوية. تنعكس هذه الظروف على الجانب النفسي والاجتماعي، إذ يشعر كثير منهم بالعزلة والنبذ، بينما يعيش أطفالهم شعورًا مؤلمًا بالاختلاف عن أقرانهم، فقط لأن آبائهم بلا هوية قانونية. البعد الطائفي والتمييز المنهجي تشير تقارير حقوقية إلى أن معظم من طالتهم قرارات إسقاط الجنسية لمواطنين ينتمون إلى الطائفة الشيعية، ما يثير شبهات حول استخدام هذا الإجراء كأداة تمييز طائفي. ويؤكد مراقبون أن هذه السياسات تأتي في سياق أوسع من التهميش في الوظائف العامة والتمثيل السياسي. الموقف الدولي وردّ السلطات واجهت البحرين خلال السنوات الماضية انتقادات حادة من منظمات دولية، أبرزها: - العفو الدولية التي وصفت إسقاط الجنسية بأنه “وسيلة لإسكات الأصوات المعارضة”.
- المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الذي دعا إلى إلغاء المادة 10 من قانون الجنسية.
- لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي أعربت عن قلقها من تزايد حالات الأطفال المحرومين من الجنسية.
في المقابل، تؤكد الحكومة البحرينية أنها عالجت قضية “البدون”، وتشير إلى أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة أمر منذ مطلع الألفية بمنح الجنسية لآلاف الأشخاص من هذه الفئة. غير أن الواقع الميداني يظهر استمرار حالات الحرمان، مما يجعل هذه الادعاءات محل تشكيك واسع. خاتمة وتوصيات قضية إسقاط الجنسية في البحرين لا تتعلق فقط بالسياسة أو بالقانون، بل تمسّ كرامة الإنسان وحقه في هوية تضمن له الوجود والحقوق. إن حرمان الفرد من جنسيته هو شكل من أشكال العقاب الجماعي الذي يتنافى مع القانون الدولي ومع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان. ولمعالجة هذه الأزمة، ينبغي: - إلغاء النصوص القانونية التي تتيح إسقاط الجنسية لأسباب سياسية أو مبهمة.
- إعادة الجنسية لجميع المتضررين وتعويضهم عن الأضرار المادية والمعنوية.
- التأكيد على موائمة التشريعات المحلية مع المعاهدات والمواثيق الدولية بمنع إسقاط الجنسية عن المواطنين إذا أصبحوا من عديمي الجنسية.
|