دور منظمات المجتمع المدني لاحداث انتقال ديمقراطي بالبحرين ورقة مقدمة في مؤتمر الإنتقال الديمقراطي بتونس 29،28 مارس 2014 تنظيم: مركز دراسة الإسلام والديمقراطية
باقر درويش المسؤول الإعلامي في منتدى البحرين لحقوق الإنسان
تقديم
لا نستطيع أن نتحدث عن برنامج عمل متكامل طبقته منظمات المجتمع المدني قبل 2000م في المساعدة باحداث عملية الانتقال الديمقراطي بالبحرين؛ نتيجة لتعطيل الحياة السياسية منذ الانقلاب على المجلس الوطني في 1975، وتعطيل العمل بالاستحقاقات الدستورية لعهد الاستقلال، وتقييد الحريات، وعدم السماح بانشاء الأحزاب أو المنظمات الغير حكومية، باستثناء حالات محددة وضمن أطر ضيقة وغير فاعلة؛ إلا أنّنا نشير هنا إلى إضاعة الحكومة البحرينية لفرص كثيرة لاحداث تسوية تاريخية وانتقال ديمقراطي جذري أمام عدة مبادرات تم تقديمها في البحرين من الحراك المطلبي.
ولا يفوت هنا الإشارة إلى أنّ البحرين تعد من الدول الأولى بالمنطقة السباقة في نشاط المجتمع المدني؛ حيث يعود تأسيس بعض المؤسسات لما يفوق 50 سنة؛ وهذا يؤشر على حيوية الشعب البحريني وأهليته لتلقي الديمقراطية؛ خصوصا وأنّ الحراك الشعبي ابتدأ سنة 1923م، وفي سنة 1938 طالب البحرينيون بمجلس منتخب كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية؛ فيما تتجدد الأزمات السياسية كل عشر سنوات تقريبا.
وبعد مجيء الحاكم الجديد حمد بن عيسى آل خليفة إلى سدة الحكم في البحرين، وطرحه لمشروع ميثاق العمل الوطني، والذي حظى بنسبة تصويت شعبية 98,4%؛ إلا أنّ الحكم مالبث أن انقلب على تعهداته في العودة بالعمل بدستور 73، وتشكيل مجلس تشريعي كامل الصلاحيات؛ ليصدر دستور المنحة في سنة 2002، ويضع البلاد على منزلق أزمة دستورية تاريخية، بلغت أشدها في 2011 عندما اندلعت الثورة الشعبية السلمية والإصلاحية في سياق الربيع العربي؛ ومازالت مستمرة حتى هذه اللحظة؛ رغم غياب الإهتمام العربي والدولي عنها.
نحن اليوم نتحدث عن نحو 544 مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني بالبحرين، أنشئ أغلبها بعد سنة 2002م، ولكنها تواجه الكثير من التحديات في الواقع السياسي بالبحرين، انطلاقا من الأزمة الدستورية والأمنية؛ حيث تواجهها قوانين وتشريعات تحد من نشاطها، بالإضافة إلى ماتفرضه الأزمة الأمنية من تداعيات حيث أصبحت أي مؤسسة تنتمي للأغلبية السياسية عرضة للاستهداف إمّا بالملاحقة القانونية أو "الحل" و"الإلغاء"، أو السيطرة عليها من قبل مؤسسة الحكم، وتحويلها إلى مؤسسة تنفذ الأجندة الرسمية في التغطية على انتهاكات حقوق الإنسان، وتجييرها للوقوف ضد المطالب المشروعة للبحرينيين بطريقة أو بأخرى.
"منذ الاستقلال عن بريطانيا في1971م، اكتست الأندية الاجتماعية والثقافية والرياضية، علاوة على المنظمات المدنية والمهنية، أهمية محورية في تشكيل النقاش السياسي. ومع حظر الجمعيات السياسية من أي نوع حتى عام2001 ، كثيراً ما كانت المنظمات غير الحكومية تؤدي دور المنتديات لمناقشة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
لكن الإجراءات والتشريعات الحكومية كثيراً ما كانت تقوض قدرة تلك المجموعات على العمل، فرغم ازدهار محدود للمجتمع المدني منذ 2001 إلا أن المنظمات المدنية والسياسية والمهنية كانت تعمل بصعوبة، إذ ضيقت السلطات على قادتها وأعضائها واعتقلتهم ولاحقتهم قضائياً. واشتد هذا في أعقاب المظاهرات واسعة النطاق المؤيدة للديمقراطية في قسم كبير من البلاد في فبراير/شباط ومارس/آذار 2011 . وبوجه خاص، ضربت وزارة التنمية الاجتماعية الصفح عن المعايير الدولية في المدى التقييدي الذي ذهبت إليه، وقامت "على نحو روتيني باستغلال دورها الإشرافي لعرقلة نشاط المنظمات غير الحكومية وغيرھا من منظمات المجتمع المدني" .
الواقع القانوني والتشريعي: حرية تكوين الجمعيات في القانون الدولي
ترسخ الحق في حرية تكوين الجمعيات بموجب العھد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي انضمت إليه البحرين. وتنص المادة 22 من العهد الدولي على أنه "لكل فرد حق في حرية تكوين جمعيات مع آخرين " ، وھو بھذا ليس "شيئاً يجب على الحكومات ابتداءً أن تمنحه للمواطنين" . يسمح العھد الدولي بفرض بعض القيود الضيقة على الحق في حرية تكوين الجمعيات (.(2لكنه يخضعھا لاختبار دقيق، حسب تعريف العھد الدولي في المادة (22) لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة ھذا الحق إلا تلك التي ينصعليھا القانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتھم.
ويشير مصطلح "الأمن القومي" إلى "تھديد سياسي أو عسكري للأمة بأسرھا، أو ما ينشر الدعاية للحرب". أما "السلامة العامة" فتشير إلى تھديدات ل"أمن الأشخاص (أي حياتھم أو سلامتھم البدنية أو صحتھم" .
كتب البروفيسور مانفريد نوفاك، في تعليقه المرجعي على العھد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أنه بينما تتكفل المادة 22 بحماية الجمعيات، إلا أن الدول قد تشترط نظاماً للترخيص، يشمل رسوم التسجيل . لكن أي قيد مفروض بسبب مشروع يظل ملزماً بأن يكون "متناسباً ومتفقاً مع القيم الديمقراطية الأساسية ألا وھي التعددية والتسامح وسعة الأفق والسيادة للناس" ، صدقت البحرين أيضاً على الميثاق العربي لحقوق الإنسان الصادر عن الجامعة العربية، الذي يؤكد أن للمواطنين الحق في"حرية تكوين الجمعيات مع آخرين والانضمام إليھا"
القانون البحريني
تكفل المادة 27 من دستور البحرين لسنة 2002 حرية تكوين الجمعيات والنقابات "وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينھا القانون"، وشريطة أن تكون أھدافھا مشروعة ويتم تنفيذھا بوسائل سلمية ولا تمس "أسس الدين والنظام العام إلا أن السلطات البحرينية، في الممارسة، استغلت أحكام قانون الجمعيات الحالي فضفاضة الصياغة وغيره من القوانين لتضيق إلى حد بعيد مجال تأسيس وتشغيل الجمعيات السياسية والمدنية وتقيد قدرتھا على العمل. فعلى سبيل المثال تنص المادة 18 من قانون الجمعيات لسنة 1989 على أن المنظمات "لا يجوز لھا الاشتغال بالسياسة"، وتنص المادة 50 على أن للسلطات أن تحل الجمعيات إذا "ثبت عجزھا عن تحقيق الأغراض التي أنشئت من أجلھا... أو خالفت قانون الجمعيات أو النظام العام أو الآداب". وھكذا يوفر القانون سبلاً عديدة للسلطات للتدخل التعسفي في شؤون المنظمات غيرالحكومية وإغلاقھا. يشترط القانون قيام كافة جمعيات المجتمع المدني، حتى غير الرسمية منھا، بالتسجيل لدى السلطات. وتنص المادة 89 من قانون 1989 على غرامة قدرھا 500 دينار بحريني ( 1320 دولار أمريكي). و/أو السجن لمدة 6 أشھر لتأسيس وتشغيل جمعية غير مسجلة كما أن المادة 163 من قانون العقوبات البحريني بدورھا تجرم الانتساب إلى جمعية غير مرخصة في البحرين وإلى منظمات خارج البلاد 24 . في نوفمبر/تشرين الثاني 2010 وقع الملك حمد بن عيسى آل خليفة على تعديل للمادة 89 من قانون 1989 يحدد عقوبات تصل إلى السجن لمدة عام واحد أوغرامة قد تبلغ ألف دينار بحريني ( 2640 دولار أمريكي) لأي شخص ينشر أو يبث أي شيء نيابة عن منظمة تعمل بدون ترخيص.
مبادرات منظمات المجتمع المدني والأهلي
نسلط الضوء في هذ الدراسة على الخطوات التي تقوم بها منظمات ومؤسسات المجتمع المدني في البحرين لاحداث انتقال ديمقراطي، وتنظيم الحياة السياسية وفق ما تكفله الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، خصوصا مع انسداد أفق الحل السياسي بالمنامة، واستمرار السلطة في اعتماد المعالجة الأمنية مع الأحداث، وبقاء القوات السعودية بشكل مخالف للاتفاقية الأمنية الخليجية والاتفاقيات الدولية، مع حصيلة الأزمة الحقوقية الحالية: 3800 معتقل رأي، وأكثر من 1900 حالة تعرض للتعذيب، وهدم ما يزيد على 30 مسجدا، وقتل أكثر من 130 مواطنا، وتعرض أكثر من 500 طفل للاعتقال التعسفي، وفصل الآلاف من أعمالهم بشكل تعسفي، واستمرار سياسة التجنيس السياسي، وتعطيل لتوصيات بسيوني ومقررات جنيف؛ الأمر الذي حول البحرين إلى دولة حاضنة للانتهاكات، وبيئة مشجعة للمفلتين من العقاب.
المبادرات والبرامج والأنشطة
1. وثيقة المنامة: أطلقت خمس جمعيات سياسية معارضة (الوفاق، وعد، التجمع القومي، التجمع الوطني، الإخاء الوطني) وثيقة المنامة تحت عنوان «طريق البحرين إلى الحرية والديمقراطية»، وجددت الجمعيات الخمس في الوثيقة -التي أعلنت عنها في مؤتمر صحافي عقدته الأربعاء (12 أكتوبر/ تشرين الأول 2011) - مطالبها، والمتمثلة في: حكومة منتخبة تمثل الإرادة الشعبية، ونظام انتخابي عادل يتضمن دوائر انتخابية عادلة تحقق المساواة بين المواطنين وفق نظام صوت لكل مواطن، وسلطة تشريعية تتكون من غرفة واحدة منتخبة، وتنفرد بكامل الصلاحيات التشريعية والرقابية والمالية والسياسية، وقيام سلطة قضائية موثوقة مستقلة. وشددت الجمعيات على ضرورة أن يكون الأمن للجميع عبر اشتراك جميع مكونات المجتمع البحريني في تشكيل الأجهزة الأمنية والعسكرية المختلفة .
2. وثيقة "مبادئ اللاعنف": أعلنت ست جمعيات سياسية؛ هي: (الوفاق، المنبر التقدمي، وعد، التجمع القومي، الوحدوي، والإخاء) صباح الأربعاء (7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012) وثيقة لـ «مبادئ اللاعنف»، مبينة أن «إعلان مبادئ اللاعنف بل يمثل رؤية المعارضة للعمل السلمي الذي أصبح محل إشادة واسعة من المجتمع الدولي». وذكرت الجمعيات أن إعلان المبادئ «يمثل المبادئ التي نؤمن بها، والتي التزمنا بها منذ تأسيس جمعياتنا، وأكدنا عليها بعد 14 فبراير/ شباط 2011 باعتبار أن السلمية هي النهج الاستراتيجي في عملنا السياسي سلوكاً وممارسة لتحقيق مطالب شعبنا من خلال مشاركته الحقيقية في صياغة قراره السياسي ورسم مستقبل بلادنا في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية والأمن الاجتماعي والسلم الأهلي». ونصت في إعلانها على أن «نحترم الحقوق الأساسية للأفراد والقوى المجتمعية والدفاع عنها، وأن نلتزم بمبادئ حقوق الانسان والديمقراطية والتعددية، وألا ننتهج في سلوكنا أيا من أساليب العنف أو تجاوز حقوق الإنسان والآليات الديمقراطية، وأن ندين العنف بكل أشكاله ومصادره وأطرافه، وأن ندافع عن حق المواطنين في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات وفقا للمواثيق العالمية المعتمدة، وفي مقدمتها الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وأن نكرس وندعو في أدبياتنا وخطابنا وبرامجنا إلى ثقافة اللاعنف وانتهاج السبل السلمية والحضارية».
3.وثيقة "لا للكراهية": أطلقت قوى المعارضة «وثيقة لا للكراهية»، واصفة إياها بأنها «مشروع التسامح ومناهضة التحريض على الكراهية». وأشارت، في مؤتمر صحافي عقدته في مقر جمعية «الوفاق» في الزنج، ظهر الخميس (9 يناير/ كانون الثاني 2014) إلى أن «وثيقتها استقت أفكارها ومبادئها العامة من وثيقة الأزهر الصادرة العام 2011، ومبادئ كامدن 2008، وخطة عمل الرباط 2012، الداعية إلى حظر الدعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية». لافتة إلى أنّ «مملكة البحرين ممثلة في أطرافها الرسمية والقوى المجتمعية، هي أطراف في هذا البرنامج الإطاري لوثيقة (لا للكراهية)، داعية الجميع إلى اعتبار «التحريض على الكراهية آفة تفتت المجتمع البحريني، وتقوض السلم الأهلي، وتشجع على التعصب والتشدد والاستقطاب الطائفي».
4.تقرير بسيوني: أنشئت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق يوم 29 يونيو 2011 في مملكة البحرين بموجب الأمر الملكي رقم 28 من قبل الملك حمد بن عيسى آل خليفة. وقد تم تكليف اللجنة بمهمة التحقيق والتقصي حول الأحداث التي جرت في البحرين في الفترة من فبراير 2011 ، والنتائج المترتبة على تلك الأحداث . بدأت اللجنة عملها يوم الأحد 24 يوليو 2011 وكان من المقرر تقديم تقريرها النهائي في 30 أكتوبر 2011، ولكن عدد الشهادات والشكاواى تطلب تمديد لعمل اللجنة والتقرير النهائي ليسلم في 23 نوفمبر 2011. مؤسسات المجتمع المدني في البحرين دعت أبناء الشعب البحريني إلى التعاطي مع لجنة بسيوني، وتقديم كل الإفادات والشكاوى، كما قامت بتسليم السيد بسيوني عدة تقارير حول الوضع الحقوقي وتوصياتها لانهاء الأزمة واحداث انتقال ديمقراطي سلس، الأمر الذي نتج عنه صدور تقرير ضخم وتوصيات تحولت إلى قيود دولية بعد صدور مقررات جنيف.
5.مقررات جنيف: اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع إلى الأمم المتحدة في جنيف، تقرير البحرين الذي أعدته «الترويكا» المكونة من السعودية وأسبانيا والأرغواي، معتمدة على المناقشات التي دارت في مجلس حقوق الإنسان أثناء المراجعة الدورية الشاملة لملف البحرين الحقوقي يوم الإثنين الماضي (21 مايو/أيار 2012). التوصيات التي نتجت عن المراجعة الدورية الشاملة لملف البحرين الحقوقي في جنيف كان عددها 176، والحكومة وافقت على تنفيذ 145 توصية بشكل كلي، و13 بشكل جزئي (لاحقاً قالت الحكومة إنها وافقت على توصيتين أخريين). مؤسسات المجتمع المدني قامت بحراك غير مسبوق لاستصدار هذا الرقم الكبير من التوصيات، وهي نتيجة جهود سنوات وعمل كثيف من التواصل والزيارات مع المؤسسات الدولية؛ خصوصا وأنّ أغلب التوصيات كانت مقترحة من قبل مؤسسات المجتمع المدني لتلك المؤسسات.
6.ثقافة الحوار والتفاوض: عملت عدد من المؤسسات سواءا الجمعيات السياسية أو التنظيمات الحقوقية على نشر ثقافة الحوار البناء والتفاوض سبيلا لحل النزاع، عبر اعتمادها على استيراتيجية واضحة في خطاباتها ومواقفها السياسية أو الحقوقية أو المهنية وأنشطتها، بالإضافة إلى تواصلها مع مراكز صنع القرار في المنطقة لاحداث ضغوط دولية تشجع على تنظيم حوار جاد يفضي إلى الوصول لصيغة دستورية جديدة تعكس الإرادة الشعبية (زيارات موسكو، واشنطن، والعواصم الأوروبية – وفد المعارضة)، (الزيارات الدورية للمفوضية السامية والمؤسسات الحقوقية الدولية- المنظمات الحقوقية الأهلية).
7.ثقافة الوحدة الوطنية: حافظت مؤسسات المجمتع المدني في مراحل مختلفة على النسيج الوطني عبر مواقفها من الأزمة، وضبطت الايقاع الاجتماعي، ومنع الانزلاق نحو العنف؛ خصوصا فيما يتعلق بدور النقابات كالاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، وجمعية التمريض البحرينية، وجمعية المعلمين البحرينين، بالإضافة إلى مشاريع التغيير الديمقراطي التي طرحتها القوى الوطنية المعارضة، المؤكدة على مبدأ المواطنة الكاملة لكل المواطنين.
8.الحراك الحقوقي: يعتبر المجتمع المدني البحريني من ضمن أكثر المجتمعات العربية نشاطا على المستوى الحقوقي، الأمر الذي تسبب بحصول البحرين على ما يفوق 180 موقف وبيان وتقرير حقوقي دولي حول الانتهاكات الجسيمة بمجال حقوق الإنسان منذ 2011 حتى الآن، وما نتج عنه من صناعة خارطة حل حقوقي يمكن أن تقود إلى انتقال ديمقراطي؛ حيث يمكن لهذه الخارطة تحت اشراف منظمة الأمم المتحدة وتوفر الضمانات الدولية أن تحقق انفراجا أوليا يؤسس لبناء دولة الديمقراطية والحريات، ويشجع الديمقراطيات الوليدة في تونس ومصر، ويعبد الطريق إلى احداث تحولات ديمقراطية في سوريا والأردن واليمن.
9.المؤتمرات الدولية أو الدورية: بموازاة النشاط التفاعلي لمؤسسات المجتمع المدني بالبحرين في متابعة الحالة الحقوقية والسياسية؛ تعقد بعض المؤسسات بشكل دوري مؤتمرات دولية أو نخبوية خاصة لمعالجة الحلول الممكنة لتعبيد الطريق نحو انتقال ديمقراطي؛ بمشاركة جملة من الخبراء والمختصين من منظمات أهلية ودولية ( 3 مؤتمرات دولية عقدها منتدى البحرين بمشاركة دولية واسعة: تناولت مواضيع خاصة بملاحقة المتورطين بالانتهاكات - مثالا).
التحديات:
1.الرفض التعسفي لطلبات التسجيل والإشراف الحكومي التدخلي على المنظمات غير الحكومية (راجع التشريعات القانونية أعلاه). 2. الاستيلاء على المنظمات التي قام قادتها بانتقاد مسؤولي الحكومة أو سياساتهم، وحلها في بعض الحالات (12 مؤسسة مدنية تعرضت للحل أو السيطرة). 3. القيود المحسوسة المفروضة على قدرة الجمعيات على جمع التبرعات وتلقي الأموال من الخارج (راجع التشريعات القانونية أعلاه).
نتاج المبادرات: حلول مؤجلة لتسوية مرتقبة
لازالت الحكومة البحرينية حتى هذه اللحظة تمعن في انتهاج سياسة الإنكار عبر الهروب إلى الأمام من واقع الأزمة السياسية والأمنية، وعدم احتضان مبادرات مؤسسات المجتمع المدني؛ حيث مازالت المبادرات التي أطلقتها مؤسسات المجتمع المدني رهينة قرار رسمي يعترف بالأزمة، ويشرع في الدخول بحوار جاد ذي مغزى؛ وحتى هذه اللحظة ليس هنالك سوى مشروع أمني تنفذه الأطراف المتشددة في مؤسسة الحكم، وهو الأمر الذي يزيد تعقيدات الحل السياسي ويضاعف من تراكم الانتهاكات.
إنّ كل المبادرات التي قامت بها مؤسسات المجتمع المدني (راجع المبادرات في الأعلى) تشكل خارطة طريق أولية لحل الأزمة السياسية والحقوقية، ويمكن أن تقود لانفراج أولي يحترم الحقوق والحريات، ويحقق انتقالا هادئا نحو الديمقراطية؛ خصوصا وأنّ بعض مواد المبادرات تحولت إلى قيود دولية بعد قبول السلطة بمقررات جنيف، وهو الأمر الذي يمكن المجتمع الدولي من ممارسة ضغوطه عبر الأدوات السياسية المتاحة لالزام الحكومة البحرينية باحترام الاتفاقيات الدولية وايقاف الانتهاكات والتحول المباشر نحو الديمقراطية.
إنّ المبادرات والبرامج والحراك الفاعل لهذه المؤسسات منذ بداية الأزمة، والذي تفوق على نشاط الكثير من المؤسسات المدنية العربية، يعكس الوعي الديمقراطي الذي يتمتع به شعب البحرين، ويؤكد أنّ "الخصوصية البحرينية" التي يعمل البعض على الترويج لها لابعاد أمل الانتقال الديمقراطي عن المنامة ما هي إلا خصوصية مؤطرة بظروف الإقليم الريعي (والبحرين جزء منه)، والمناخ الدولي الذي تتشابك مصالحه الاستيراتيجية مع طبيعة الحكم بالبحرين. التوصيات:
1.اطلاق سراح جميع معتقلي الرأي السياسي والحقوقي، المتحجزون بسبب ممارستهم لحق التعبير عن الرأي أو تكوين الجمعيات، ومحاسبة المتورطين من المسؤولين الأمنيين والسياسيين بقضايا التعذيب والقتل والانتهاكات. 2. فتح مكتب دائم للمفوضية السامية في البحرين. 3. تعيين مقرر أممي خاص للعدالة الانتقالية في البحرين. 4. الشروع الفوري في تنفيذ توصيات بسيوني ومقررات جنيف. 5. موائمة التشريعات المحلية مع القوانين الدولية وفق المادة 37 من دستور البحرين. 6. تعديل المادة 2 لإلغاء القيود المفروضة على تأسيس المنظمات غير الحكومية على "أسس طائفية أو مذھبية أ مملكة البحرين، أو النظام العام أو الآداب، أو [أن يكون نشاطھا] ممارسة السياسة". 7. احترام حق العمال في التأسيس والانضمام إلى النقابة/النقابات التي يختارونها وأن يتجمعوا ويجتمعوا بآخرين دون تدخل الحكومة. 8. تعديل قانون النقابات العمالية (القانون 33 لسنة 2002 ) للسماح لعمال القطاع العام بإنشاء النقابات والانضمام إليها. 9. الرد الإيجابي على طلب المقرر الخاص للأمم المتحدة بشأن الحق في حرية التجمع السلمي والحق في تكوين الجمعيات بزيارة البحرين. 10. أن تقوم الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بتبني قرار في الجلسة ال 26 لمجلس حقوق الإنسان المقرر انعقادھا في يونيو 2014م ، تنص على: الإعراب عن القلق إزاء حالة حقوق الإنسان في البحرين وعدم تعاون الحكومة مع المقررين الخاصين التابعين لمجلس حقوق الإنسان. الدعوة لتنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وأن تيسر البحرين سريعاً تعاطي الآليات الخاصة للمجلس والتواصل مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان. مطالبة المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالإبلاغ عن تنفيذ ھذه الطلبات. 11. أن تقوم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالاتساق مع الالتزامات التي تم التعخد بها في إطار العمل الاستيراتيجي الخاص بالاتحاد حول قضايا حقوق الإنسان بدعوة السلطات البحرينية إلى التعاون وفتح المجال أمام دخول المقررين الخاصين بالأمم المتحدة المعنيين بالتعذيب وحرية التجمع وتكوين الجمعيات والمدافعين عن حقوق الإنسان، ودعوة البحرين إلى التوقيع على مذكرة تفاھم مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان من أجل إنشاء مكتب في البحرين له ولاية معاونة ومراقبة والإبلاغ عن تطورات حقوق الإنسان.
-----------------------------
المراجع
"التدخل والتقييد والهيمنة" ..القيود المفروضة على حرية تكوين الجمعيات في البحرين، تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش صادر في حزيران 2013مhttp://www.hrw.org/sites/default/files/reports/bahrain0613arweb.pdf
1966, G.A. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تم تبنيه في 16 ديسمبر/كانون الأول 1966 المبادرة القانونية للمصلحة العامة، تمكين المجتمع المدني: الكتاب المرجعي للجوانب العملية لحرية تكوين الجمعيات (بودابيت، المبادرة القانونية للمصلحة العامة، مركز القانون التابع لجامعة كولومبيا ببودابست، 2003 مانفريد نوفاك، العهد الأممي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تعليق (كيل وراين، ألمانيا: ن. ب. إنغل، 2005 )، ص. 506 المصدر السابق. يقول المركز الدولي للقانون غير الهادف للربح، الذي يوفر معلومات حول القضايا القانونية للمنظمات المدنية، إن العهد الدولي لا يلزم الأفراد "بإنشاء كيانات قانونية بهدف ممارسة حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات". ليون آيريس وروبرت كوشنر وكارلا سايمن، خطوط إرشادية للقوانين التي تمس المنظمات المدنية (نيويورك، مبادرة المجتمع المفتوح، 2004 )، ص. 21 مانفريد نوفاك، العهد الأممي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تعليق (كيل وراين، ألمانيا: ن. ب. إنغل، 1993 )، ص. 394 تقول المادة 24 (5،6،7) لا يجوز تقييد ممارسة هذه الحقوق بأي قيود غير القيود المفروضة طبقا للقانون والتي تقتضيها الضرورة في مجتمع يحترم الحريات وحقوق الإنسان، لصيانة الأمن الوطني أو النظام العام أو السلامة العامة أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الغير وحرياتهم". دستور البحرين، المادة 27 1989 قانون رقم 21 / الوسط البحرينية: 5 جمعيات معارضة تطلق «وثيقة المنامة»- 13 أكتوبر 2011م http://www.alwasatnews.com/3323/news/read/600729/1.html الوسط البحرينية: 6 جمعيات معارضة تعلن عن وثيقة «مبادئ اللاعنف» - الخميس 08 نوفمبر 2012م http://www.alwasatnews.com/3715/news/read/714249/1.html الوسط البحرينية: المعارضة تطلق وثيقة «لا للكراهية» وتؤكد: جاهزون للدخول في عملية سياسية شاملة http://www.alwasatnews.com/4143/news/read/846059/1.html موقع اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق: http://www.bici.org.bh/indexd6cc.html?lang=ar |