غنى رباعي: نجدد الدعوة للإفراج عن المحكومين بالإعدام والمدنيين في سجن قرين العسكري
نظم منتدى البحرين لحقوق الإنسان ندوة صحفية إلكترونية اليوم السبت بمشاركة ديفين كيني الباحث في منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان وزينب خميس رئيسة لجنة الرصد والتوثيق في الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان وابتسام الصايغ مسؤولة الرصد والتوثيق في منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان وغنى رباعي الباحثة في منتدى البحرين، بإدارة الإعلامي البحريني السيد مرتضى الطالبي حول ملف معتقلي الرأي في البحرين.
وفيما يلي المداخلة الكاملة لغنى رباعي - الباحثة في منتدى البحرين لحقوق الإنسان:
تحية طيبة لجميع المتابعين لهذه الندوة الافتراضية التي نعقدها بالتزامن الأحداث الحقوقية الأخيرة في البحرين المتعلقة بأوضاع المعتقلين السياسيين والحراك الخاص في المطالبة بالإفراج عن كافة سجناء الرأي.
لا شك في أنّ الافراج عن مئات معتقلي الرأي من سجون البحرين هو خطوة إيجابية يمكن أن ندرجها بشكل أولي تحت عنوان إعادة الحقوق للمواطنين الذين تعرضوا للملاحقة والاعتقال على خلفيات سياسية؛ وذلك بلحاظ أن الخطوة حتى تكون مكتملة تستلزم تحقيق عدد من الخطوات التي منها جبر الضرر والتعويضات وإسقاط الأحكام القضائية ومسائلة المتورطين بانتهاكات حقوق المعتقلين. كما لاحظنا فإنّ الإفراجات الأخيرة لم تشمل حتى اللحظة أي معتقل محكوم بالإعدام، كما لم تشمل بقية قيادات المعارضة السياسية، ولم تشمل المعتقلين المدنيين في سجن قرين العسكري، فضلا عن أكثر من 500 سجين رأي.
هنا أود أن أتكلّم بشكل خاص عن معتقلي الرأي المحكومين بالاعدام.
عطفاً على أنّ الاعتقالات التعسفية استندت إلى أحكام قضائية تعسفية، فإنّ إحدى أهم الخطوات الحقوقية التي يجب أن تكون في مقدّمة الإجراءات اللازمة، هي إسقاط الأحكام التعسفية وخصوصاً الأخطر من بينها وهي أحكام الإعدام. اليوم ما زال هناك 12 معتقلاً سياسياً محكوماً بالإعدام ممّن أبرمت أحكامهم، ولا يفصل بينهم وبين تنفيذ تلك الأحكام سوى توقيع من ملك البحرين. إنَّ إسقاط هذه الأحكام الخطيرة وغيرها من الأحكام التعسفية، مثل السجن المؤبد وما إلى ذلك، هو من الخطوات المهمة في مسار إنهاء ملف المعتقلين السياسيين. ويجب بشكل أساسي أن يتبعها ضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات عبر محاسبة مرتكبي الانتهاكات، خصوصاً وأنّ عامّة الأحكام التعسفية كانت تستند إلى اعترافات تنتزع تحت وطأة التعذيب على أيدي عناصر أجهزة الدولة الذين هم مفلتون من المحاسبة حتى الآن. هنا أعطي مثال ضحية الإعدام علي العرب الذي تعرض للصعق الكهربائي وللتحرش الجنسي وحتى اقتلعت أظافره حتى التعذيب في مراكز التحقيق، ومن ثمّ أجبر على التوقيع على أوراق الإعتراف وهو معصّب العينين ولا يدري على ماذا كان يوقّع وبماذا كان يعترف إلى أن ووجِه بمضمون تلك الأوراق أثناء محاكمته، وأعدم على أساسها. ومثله كمثل عامّة معتقلي الرأي في البحرين.
من أجل أن لا تتكرر مثل هذه الأحداث وهذه الانتهاكات، ولكي لا يجبر أي مواطن بحريني في المستقبل على أن يوقع على اعترافات حول جرائم لم يرتكبها، يجب أن تستتبع خطوات الإفراج معها خطوة إسقاط الأحكام التعسفية وجبر الضرر بمحاسبة المرتكبين للانتهاكات والمتواطئين معهم في الجهاز القضائي الذين أصدروا أحكاماً وفقاً لاعترافات كانت تنتزع تحت وطاة التعذيب، ويجب إخلاء مناصب أجهزة الدولة ممّن يشتبه بتورّطهم في مثل تلك التجاوزات.
هذا بالنسبة لوجوب إسقاط أحكام الإعدام وعامة الأحكام التعسفية، وضرورة إجراء إصلاحات إدارية في الأجهزة الأمنية والقضائية. وعندما نتحدث عن عنوان جبر الضرر والتعويضات فنحن نتحدث عن كل من تعرض للاعتقال التعسفي منذ 2011 لغاية اليوم. مع العلم بأنَّنا لم نناقش ما يتعلق بالملف الحقوقي أيضا لما هو قبل 2011.
من هنا أنتقل إلى العنوان التالي وهو المعتقلين المدنيين في سجن قرين العسكري اليوم ما زال يقبع في سجن قرين العسكري عدد من المعتقلين السياسيين المدنيين، لم تصدر بحقهم أحكام سجن تعسفية فحسب بل صدرت الأحكام من المحكمة العسكرية غير المختصّة في محاكمتهم كمدنيين، وهم لا يختلفون عن باقي معتقلي الرأي من حيث خلفية اعتقالهم التي كانت إمّا بسبب المشاركة في احتجاجات سلمية أو التعبير عن الرأي، ومع ذلك تمّت معاملتهم بقبضة أمنية أشد وباعتبارهم خطراً على السلم الأهلي وفق تصنيف الطرف الرسمي. وعليه فإنّنا نطالب أيضا بالإفراج عن المعتقلين المدنيين في سجن قرين العسكري، وأيضاً لضمان عدم تكرار صدور أحكام عسكرية بحق مدنيين في المستقبل، يجب التحقيق في الأسباب التي أدّت إلى هذا التجاوز القضائي من الأساس، ومحاسبة المسؤولين عنه بما يوازي حجم التجاوز، وذلك يبدأ بإقالة كل المتورّطين باعتقال مدنيين في السجن العسكري، سواءً في جهاز القضاء العسكري، والنيابة العامّة المعنية بإثارة الاختصاص القضائي، والأجهزة الأمنية.
في الختام نودّ تأكيد المؤكّد، أنّ الاصلاح السياسي والحقوقي الحقيقي لا يتم مع وجود معتقلين سياسيين في السجون، كما لا يكتمل في ظل مواطنة منقوصة لا يستطيع من خلالها المواطن أن يمارس أبسط حقوقه المدنية والسياسية كالترشح لعضوية مجلس الإدارة العامين في وزارة التنمية الاجتماعية مثلما حصل مؤخراً للمرة الثانية مع الرئيس السابق للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان الأستاذ عبد الجليل يوسف. فالإصلاح الشامل يقتضي إنهاء سياسة العزل السياسي وسياسة حل الجمعيات السياسية والحقوقية المستقلة وإطلاق الحريات بما فيها الحقوق السياسية وحق المواطنة وغيرها من المطالب الحقوقية الموجودة في توصيات الاستعراض الدوري الشامل، والتي من شأنها أن تضع حدا لمسار الانتهاكات.