العفو الدولية: لم يتغير كل شيء؛ فلا تزال الحكومة ترسم الخطوط الحمراء بخط عريض للغاية
نظم منتدى البحرين لحقوق الإنسان ندوة صحفية إلكترونية اليوم السبت بمشاركة ديفين كيني الباحث في منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان وزينب خميس رئيسة لجنة الرصد والتوثيق في الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان وابتسام الصايغ مسؤولة الرصد والتوثيق في منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان وغنى رباعي الباحثة في منتدى البحرين، بإدارة الإعلامي البحريني السيد مرتضى الطالبي حول ملف معتقلي الرأي في البحرين.
لمشاهدة الندوة: اضغط هنا وفيما يلي مداخلة ديفين كيني الباحث في منظمة العفو الدولية:
مرحبا، اسمي ديفين كيني، أنا باحث في شؤون البحرين لدى منظمة العفو الدولية، وهي وظيفة أقوم بها منذ مايو/أيار 2018. وفي العام الذي سبق ذلك، عملت باحثًا في منظمة أمريكيون مِنْ أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين لمدة عام. جميعنا على علم بالإفراج عنْ عدد كبير من السُّجناء الذي حصل في أبريل الماضي، وقد تم الإفراج عن السجناء بمناسبة حلول عيد الفطر، لقد كان تطورًا مرحبًا به للغاية وخبرًا مهمًا بين أوساط الناشطين البحرينيين، لكني أود أنْ أتناول ما أعتقد أنهما نقطتان أكثر أهمية: النقطة الأولى: هي التَّطور الإيجابي، والنقطة الثانية: هي الواقع السَّلبي المستمر. التطور الإيجابي هو أنَّ الناس قاموا بتوسيع وسائل الاحتجاج السلمي لمواصلة الضَّغط من أجل مطالبتهم بالتغيير في البحرين، ولم يتم قمع هذه الاحتجاجات السِّلمية كلها. إن الاحتجاجات المتوسِّعة هي جزئياً امتداد لتلك التي تحدث في الأحياء الشِّيعية منذ فترة طويلة، وهي في الأساس ردة فعل على حرب غزة، كما أنَّها تعود جزئيًا إلى فهم النشطاء أنه ثمَّة مساحة أكبر لمثل هذه الاحتجاجات في البيئة الحالية، ومهما كان تقييمنا للأسباب فإنَّ هذا يعد تطوَّرًا إيجابيًا للغاية. إذا نظرنا إلى التَّاريخ بحثًا عنْ الحالات التي حدث فيها تغيير إيجابي، فستجدون أنَّه في معظم الأحيان يحدث ذلك عندما يناضل النَّاس داخل وطنهم من أجل المطالبة بحقوقهم ويستخدمون استراتيجيَّة مناشدة مجتمعهم الوطني الأوسع بشكل سلمي، أنا لا أعتقد أنَّ هناك العديد من الأمثلة القوية وإن وجدت، والتي جاء فيها التغيير الإيجابي من الخارج، إلَّا أنَّ هذا لا يعني أنَّ المطالبة بالدعم المعنوي من بقية العالم لا يساعد، فأعتقد أنَّ ذلك كان جزءًا مما ساعد على تغيير الأمور في جنوب إفريقيا، لكنني أعتقد أنَّ الدِّافع الأساسي للتغيير يأتي دائمًا من داخل المجتمع، وقد سعدت حقًا برؤية البحرينيين يستخدمون العوامل لصالحهم في الوقت الحالي لمواصلة الضَّغط من أجل حقوقهم ومواصلة القيام بذلك بأكثر الطرق فعالية وسلمية، وسعدت أيضًا لأن هذه الجهود استمرت بل وتزايدت مع اتخاذ الحكومة لبعض الخطوات بعيدًا عن اتجاه القمع.
سأطرح ثلاثة أمثلة ملموسة: الأول: يتعلق بردة الفعل على حرب غزة: لقد حصل عدد من الاستدعاءات والاعتقالات والملاحقات القضائية للمتظاهرين السلميين في المسيرات المؤيدة لـ غزة، لكن لا يمكننا القول أنَّ ذلك تكرَّر دائمًا، فعلى مدى الأشهر السَّبعة الماضية حدثت العديد من الاحتجاجات التي بدأت وانتهت سلميًا دون أن تفرقها السلطات أو تعتقل المتظاهرين، وهو بالضبط ما ينبغي أن يحدث، كما ينبغي أنْ يأخذ النَّاس تجربة هذه الاحتجاجات الطبيعية لمواصلة الاحتجاج السلمي والاستمرار في السعي للوصول إلى حالة يكون فيها الاحتجاج السلمي هو الوضع الطبيعي الجديد ويكون ذو قوَّة وشعبية تكفي للاستمرار في تحسين السُّلوك الحكومي.
والمثال الثاني: هو التَّجمع الذي قام به عشرات من عوائل السُّجناء في المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان صباح يوم 4 نيسان/أبريل من هذا العام. أعلم أنَّ علي مهنا تحدَّث ونشر على (تويتر) باسمه خلال هذا التجمع، ولست متأكدًا مما إذا كان هناك أشخاص آخرون يودون ربط أسمائهم بهذا الأمرعلنًا، لكنني أعلم أنه في رسالة غير منشورة، خاطب العشرات الحكومة بهوياتهم القانونية الكاملة لرفع أصواتهم من أجل أحبائهم المسجونين. وقد تم إيقاف علي مهنا واحتجازه لفترة بعدها ليتلقى بلاغًا تحذيريًا من قبل الشرطة، وهو أمر غير مناسب على الاطلاق، لكنَّه عاد إلى منزله سالمًا بعد ذلك، وبحسب ما سمعت لم يتم توجيه أيَّ تهمة ضده، وهو تمامًا ما يجب أن يحصل. أمَّا المثال الثالث: فهو من اليوم الذي أسجل فيه هذا الفيديو، وهو الخميس 2 مايو 2024، بدايةً في صباح اليوم في البحرين، تجمع عوائل السُّجناء بشكلٍ سلمي أمام سجن جو للمطالبة بالإفراج عن أحبائهم. وحاليًا الوقت هو بعد الظهر بينما أسجل هذا الفيديو، وفي مجموعة أخبار البحرين التي أتابعها في تطبيق واتساب، هناك معلومات مختلفة ترد حول ما إذا كانت هناك اعتقالات أو أعمال قمع أخرى في جو اليوم، فما زالت المعلومات حول ذلك متناثرة ومتضاربة، ولكنني آمل حقًا أنْ يخرج كلَّ من انضم إلى تلك المظاهرة اليوم حرًا ودون أيَّ اتهامات ضدهم. إلَّا أنَّ النقطة الأوسع التي أريد أن أصل إليها هي: أن هذين المثالين الثانيين لتجمع الناس الإيجابي والسلمي من أجل التغيير الاجتماعي، أي التجمع في المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في 4 أبريل والوقوف أمام سجن جو اليوم في 2 مايو، هي تمامًا نوع من أنواع التحركات الابداعية السِّلمية التي تتخطى الحدود والتي لا تزال تمنحني بعض الأمل من أجل البحرين.
سيكون من الصَّعب علينا العثور على تحرك أكثر احترامًا وكرامةً وشجاعةً وابتكارًا وتحديًا وفعالية من الذي حدث في المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، فإذا تمكَّن المواطنون البحرينيون على الأرض من الاستمرار في الدِّفاع عن أنفسهم بهذه الطرق المثيرة للإعجاب، سأستطيع أن أشعر لأوَّل مرَّة منذ سنوات ببعض التَّفاؤل بأنَّ البحرين ستمضي قدمًا نحو مستقبل أكثر احترامًا للحقوق. النقطة الرئيسية الأخرى التي سأطرحها بإيجاز، بما أنَّني أفترض أنَّنا جميعًا على دراية بها، هي أنَّه لم يتغير كل شيء فلا تزال الحكومة ترسم الخطوط الحمراء بخط عريض للغاية، ومع إطلاق سراح أكثر من 1400 سجين الشهر الماضي، أصبح واضحًا ولا أعتقد أنَّ أحدًا ليس على دراية بمن لم يتم إطلاق سراحهم، وهم مجموعة القادة السياسيين المعارضين والناشطين من الانتفاضة الشعبية عام 2011. لقد تم إطلاق أسماء مختلفة على هذه المجموعة، والاسم الأكثر شيوعاً على الصعيد المحلي هو "الرُّموز"، والذين لا يزال يقبع عشرة منهم في السجن بعد مرور أكثر من عقد من الزمن على إدانتهم النهائية في سبتمبر/أيلول 2012. وأود أيضاً أن أضيف إلى هذه المجموعة (علي سلمان) زعيم الوفاق، رغم أنَّ سجنه جاء في مرحلة لاحقة. لم تفرج الحكومة عنْ أيًّ منهم في عفو عيد الفطر، ولا تزال الحكومة تتوقَّع أن يكون الصَّمت هو الثَّمن المدفوع مقابل إطلاق سراحهم من السجن. لقد أُطلق سراح المواطن البحريني (علي الحاجي) من السجن في يونيو/حزيران من العام الماضي بعد أن خسر عقدًا من حياته في السجن بسبب تعرضه لمحاكمة جائرة للغاية لأنه شارك في المظاهرات. والآن، بعد أقل من عام على إطلاق سراحه، يواجه اتهامات واحتمال السجن مرة أخرى لمجرد أنه أصر بكلِّ احترام على أن ترفع وزارة الداخلية حظر السفر المفروض عليه. إذن، لا تزال الحكومة تتوقَّع من المواطنين التزام الصَّمت وعدم التعبير عن أيِّ انتقادات جوهرية للسِّياسة أو لنظام الحكم. وهذا ليس جديدًا، ولكن الجديد هو أنه لأوَّل مرَّة منذ متابعتي للبحرين، هناك هامش صغير من المساحة لتوجيه مثل هذه الانتقادات، ويجد المواطنون طرقًا ذكية وفعالة لاستخدام هذه المساحة، وآمل صادقًا أن يستمر هذا الاتجاه، وأنه في غضون أشهر، أو بالأحرى في الأسابيع أو الأيام المقبلة، يمكننا التَّرحيب بالإفراج عنْ عبد الهادي الخواجة، وحسن مشيمع، والشيخ عبد الجليل المقداد، والعديد والعديد من الأسماء الأخرى..