نظّم مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب بالتعاون مع منتدى البحرين لحقوق الإنسان ندوة بعنوان البحرين: واقع الحقوق السياسية، على هامش الدورة الدورة ال48 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف وذلك في يوم الجمعة 25 سبتمبر/أيلول 2021. تحدّث فيها كل من الدكتور جلال فيروز نائب سابق في كتلة الوفاق البرلمانيّة، الأستاذ يحيى الحديد رئيس معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان، الأستاذ عبدالغني خنجر ممثّل حركة الحرّيّات والديمقراطيّة (حق) في الخارج، والأستاذ باقر درويش رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان، بإدارة الباحثة في منتدى البحرين لحقوق الإنسان غنى رباعي. في افتتاح الندوة قالت رباعي أنّ في البحرين لا يقتصر اضمحلال المواطنة على حرمان الأكثرية من التمثيل السياسي الحقيقي وتقويض مبدأ الشعب مصدر السلطات، مشيرةً إلى أن هذا الواقع يطبّق في البحرين بينما ينقسم فيه العمل السياسي السليم في أي دولة مواطنة بين سلطة تنفّذ مشروعها السياسي وبين معارضة بنّاءة تراقب عمل السلطة وتنتقدها في حلقة مداورة تتبدّل فيها الأدوار وتتعاقب فيها مختلف المجموعات السياسية على الحكم كلّما انتخبها الشعب لذلك وفق مبدأ التداول السلمي للسلطة وبما تتضمنه الحريات السياسية.
فيروز: الاستئثار بالسلطة وتغييب الحق السياسي كرس الاستبداد في البحرين وكرس التهميش والبلاد تحتاج اليوم إلى احترام الرأي الشعبي الذي هو مصدر السلطات أمّا النائب السابق في كتلة الوفاق البرلمانيّة الدكتور جلال فيروز فقد قال في كلمته أنّ لبّ المشكلة المتفاقمة في البحرين هي أنّ السيادة مغيبة والقرار هو للعقلية القبلية حيث تجاوز السلطات كلها الشعب، والصلاحيات ممنوحة فقط للملك وعائلته. وأشار فيروز إلى أنّ "تغييب الحريات في البحرين يؤكد أن نظام البحرين غير ديمقراطي رغم تأكيد الدستور على أن الشعب هو مصدر السلطات"، مؤكّداً أن "شعب البحرين لا سلطة له في تشكيل الحكومة والسلطة التشريعية، وبالتالي لا حق له في صياغة القرارات المصيرية كما في الدول الديمقراطية". كما أكّد أنّ "الإستئثار بالسلطة وتغييب الحق السياسي كرس الاستبداد في البحرين وكرس التهميش والبلاد تحتاج اليوم إلى احترام الرأي الشعبي الذي هو مصدر السلطات وأيضًا صياغة دستور جديد وتطبيق مبدأ تداول السلطة سلميًا".
الحديد: قانون العزل السياسي قضى على الحق السياسي لشريحة واسعة من أبناء البحرين وفي مداخلته قال الأستاذ يحيى الحديد رئيس معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان أنّ قانون العزل السياسي قضى على الحق السياسي لشريحة واسعة من أبناء البحرين وحرمهم من ممارسة نشاطهم السياسي في مخالفة صريحة لروح الدستور الذي يؤكد على حقي الترشح والانتخاب. وأضاف أنّ "حلّ جمعيتي الوفاق ووعد وغيرها واستهداف أعضاءها تكريس للعزل السياسي ومحاصرة للحق السياسي وللحريات الإعلامية والمدنية ما يعني تمييز السلطة لشريحة تعادل نصف سكان البحرين". مطالباً بصياغة دستور جديد واحترام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وبإعادة الجمعيات والسماح بمزاولة العمل الصحفي والتوقف عن تكبيل الحق السياسي وسن تشريعات تحمي كل الحريات المدنية.
خنجر: المكابرة والحلول الترقيعية لن تكون مرضية لأبناء شعب البحرين والمطلوب تحقيق ديمقراطية حقيقة أمّا الأستاذ عبدالغني خنجر ممثّل حركة الحرّيّات والديمقراطيّة (حق) في الخارج، فقد قال في مداخلته أنّ "المكابرة والحلول الترقيعية لن تكون مرضية لأبناء شعب البحرين والمطلوب تحقيق ديمقراطية حقيقة عبر صياغة دستور جيد يكتبه برلمان منتخب بشكل جدي وعادل". مضيفاً أنّ "على العائلة الحاكمة عدم التعامل مع شعب البحرين كرعايا وعليها تغيير منهجيتها والتوقف عن ارتهان السلطات والعودة إلى الشعب كمصدر وحيد للسلطة وإلا فلا حلّ جدي للأزمة".
درويش: السلطة البحرينية اتخذت تدابير تشريعية وتنفيذية لتهميش الحق السياسي وتوسعت في تكريس العزل السياسي أمّا الأستاذ باقر درويش رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان، فقد قال في مداخلته أنَّه "نتيجة للتقويض الممنهج للحق السياسي في البحرين هنالك أزمة ثقة بين الشعب والسلطة لسنوات طويلة فضلا عن ما أنتجته من عدة أزمات في مقدمتها الأزمة الحقوقية والسياسية"، مشيراً إلى أنّ السلطة البحرينية اتخذت منذ السبعينات تدابير تشريعية وإجرائية لتهميش الحق السياسي، وصولا لتوسعها حاليا في تكريس العزل السياسي منذ صدور قانون رقم (25) لسنة 2018 بتعديل المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية. الأمر الأميري الصادر في 1975 حوَّل السلطة التنفيذية إلى سلطة تشريعية أيضا ولفت درويش إلى أنَّ الأمير الأميري رقم (4) لسنة 1975م بتعلق الانتخابات نصَّ في المادة الثالثة منه على أنَّ: (يتولى معنا مجلس الوزراء السلطة التشريعية خلال تلك الفترة)، وهو الأمر الذي عطَّل سريان المادة 65 من الدستور ومنح مجلس الوزراء صلاحية القيام بإصدار تشريعات بمراسيم بقوانين لأكثر من عشرين سنة، ما حول السلطة التنفيذية لسلطة تشريعية في مصادرة واضحة لحق المبادرة التشريعية من المواطنين رغم مخالفته للمادة 108 من الدستور، مشيرا إلى أنَّ دستور 2002 وما تلاه من تعديلات دستورية كانت ضمن مسار تقويض المبادرة التشريعية وتهميش الحق السياسي. الفقرة 50 من تقرير بسيوني حول تقويض مبدأ الفصل بين السلطات ولفت درويش إلى أنَّ تقرير بسيوني في الفقرة 50 قد أشار إلى تقويض مبدأ الفصل بين السلطات بالإشارة إلى أنَّه "ويتمتع الملك في البحرين بسلطات تنفيذية واسعة، وله أن يباشر سلطاته مباشرة أو بواسطة وزرائه، فهو يعين ويعفي رئيس الوزراء بأمر ملكي، ولا يُسأل رئيس الوزراء ولا الوزراء متضامنين إلا أمامه، وهو القائد الأعلى لقوة الدفاع، وهو رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وهو من يقترح تعديل الدستور والقوانين وهو الذي يختص بالتصديق عليها وإصدارها، وهو المنوط به تقدير توافر الضرورة وإعلان حالة السلامة الوطنية أو الأحكام العرفية، وهو الذي يصدر المراسي". وأوضح درويش بأنَّ الإجراءات التي اتخذتها السلطات البحرينية بشأن الحقوق السياسية انتهكت المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وأضاف أنّ "الحق السياسي لشعب البحرين مسلوب في مخالفة للتشريعات الدولية، والسلطة عدلت الكثير من القوانين وصادرت الكثير من الصلاحيات في تعدي صارخ على الحقوق والتي وثقها تقرير بسيوني وما تبعه من أحداث وتدابير" مشيراً إلى ما ورد في تقرير لجنة تقصّي الحقائق (تقرير بسيوني) من شرح مفصل للصلاحيات الممنوحة للملك معتبراً أنّه "مظهر واحد من مظاهر التهميش والتعدي على الحق السياسي كحل الجمعيات السياسة والمدنية". كما اعتبر درويش أنّ "من صور القمع السياسي ملاحقة النشطاء السلميين واعتقالهم واشتغال السلطة على إضغاف المجتمع المدني والسياسي"، مطالباً المجتمع الدولي بمؤسساته الحقوقية كافة الضغط الجدي من أجل احترام الحق السياسي في البحرين من خلال معالجة الأسباب الرئيسية للأزمة وصولا إلى تحقيق العدالة الإنتقالية. وحول بعض الإجراءات التي كانت ضمن مسار تقويض الحق السياسي ماصدر من تعديلات دستورية منذ عام 2002 جملة من القوانين منها: - قانون مباشرة الحقوق السياسية بموجب المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002، وهو القانون الذي ينظم عمليتي الاستفتاء وانتخاب أعضاء مجلس النواب. ويتكون قانون مباشرة الحقوق السياسية من سبعٍ و ثلاثين مادة، موزعه على خمسة فصول، تناولت تباعاً الحقوق السياسية ومباشرتها، وجداول الناخبين، وتنظيم عمليتي الاستفتاء والانتخاب، وجرائم الاستفتاء والانتخاب، وأحكاماً ختامية. - المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 2002 بشأن مجلسي الشورى والنواب الذي ينظم مسألة تعيين أعضاء مجلس الشورى والترشح لمجلس النواب. - المرسوم بقانون رقم (3) لسنة 2002 بشأن نظام انتخاب أعضاء المجالس البلدية المعدل. - المرسوم بقانون رقم (6) لسنة 2002. الذي ينظم انتخاب أعضاء المجالس البلدية. - مرسوم بقانون رقم (16) لسنة 2002 بإصدار قانون ديوان الرقابة المالية، الذي سحب سلطة الرقابة المالية والإدراية من مجلس النواب وجعلها تابعة للديوان الملكي. - اللائحة الداخلية لمجلس النواب الصادرة بالمرسوم بقانون رقم 94 لسنة 2002. كل هذه القوانين -المشار إليها أعلاه- لم تصدرها جهة تشريعة وأنما صدرت من قبل مؤسسة الحكم وبإرادة ملكية، كما أن هذه القوانين تتعارض مع بعض المبادئ والتشريعات التي تكفل الحقوق السياسية لكل المواطنين وفق ما أشارت له القوانين الدولية، بل إن بعضها يتعارض مع مبادئ الفقه الدستوري. فعلى سبيل المثال يمكن القول إن المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 2002 بشأن مجلسي الشورى والنواب الذي ينظم مسألة تعيين أعضاء مجلس الشورى والترشح لمجلس النواب، قد قلص من سلطة الشعب في المشاركة السياسية وإدارة الشؤون العامة للبلاد والتي نصت عليها المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، حيث جعل نصف السلطة التشريعية معيناً من قبل الملك. كذلك فيما يتعلق بقانون مباشرة الحقوق السياسية رقم (14) لسنة 2002، يمكن القول إن المرسوم بقانون رقم (13) لسنة 1972 بشأن أحكام الانتخاب للمجلس التأسيسي والذي اعتمد لانتخابات مجلس النواب عام 1973 كان متقدماً على قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم (14) لسنة 2002، حيث أعطى القانون الجديد مؤسسة الحكم صلاحية توزيع الدوائر الانتخابية والتحكم في جداول الناخبين، وذلك وفق المادة 17 منه والتي تنص ضمن ما تنص على "... ويصدر مرسوم بتحديد المناطق والدوائر الانتخابية وحدودها، وعدد اللجان الفرعية اللازمة لمباشرة عمليتي الاقتراع والفرز...". الأمر الذي أدى لفرز دوائر انتخابية غير عادلة، وشطب الكثيرين من جدوال الناخبين لأسباب سياسية. تجدر الإشارة إلى أنه تم تعديل هذا القانون لمنع عدد كبير من المواطنين من حق الترشيح والترشح في انتخابات 2018. وفيما يتعلق بالمرسوم بقانون رقم (16) لسنة 2002 بشأن ديوان الرقابة المالية، يمكن القول إن هذا القانون صادر سلطة الرقابة المالية والإدراية من مجلس النواب وجعلها تابعة للديوان الملكي، حيث نصت المادة الأولى منه على أنه "ينشأ جهاز مستقل يتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة يسمى "ديوان الرقابة المالية"، ويتبع الملك. يتولى الديوان مهمة الرقابة المالية على أموال الدولة وأموال الجهات المنصوص عليها في المادة (4) من هذا القانون، ويتحقق بوجه خاص من سلامة ومشروعية استخدام هذه الأموال وحسن إدارتها، وذلك على الوجه المنصوص عليه في هذا القانون".