محور خطاب الكراهية
تبين من خلال عرض الأحداث، وكذلك في استعراض بعض الحالات التي تعرضت للتعذيب وسوء المعاملة في الجزء الثاني من التقرير؛ أن ثقافة الكراهية داخل الأجهزة الأمنية شائعة بصورة واسعة، وذلك من خلال استخدام أساليب التعذيب الجسدي والنفسي والمعنوي، والتي غالباً ما يصاحبها استخدام عبارات الشتم الطائفي أو تعمد إهانة المعتقدات الدينية لمعتقلي الرأي، وكذلك حرمانهم من ممارسة الحريات الدينية في سجون البحرين.
ويتلاقى ذلك مع خطاب الكراهية في الإعلام الرسمي أو المدعوم من قبل الحكومة، والذي يدعو إلى الكراهية العنصرية أو الدينية، ويشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف، من خلال ما ينشر من رسائل ومواد في الإعلام الرسمي أو مواقع التواصل الاجتماعي.
يأتي ذلك بالرغم من أنَّ السلطات في البحرين ومؤسسات المجتمع المدني ملتزمة قانونياً بالفقرة الثانية من المادة (20) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والذي صادقت عليه الحكومة البحرينية بالقانون رقم 56 لسنة 2006، والتي تنص على أنه : "تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف.
وفي الوقت الذي توصي فيه خطة عمل الرباط المعتمدة من الأمم المتحدة في أكتوبر 2012 الدول برفع القدرات لتدريب قوات الأمن وموظفي إنفاذ القانون والعاملين على إقامة العدل وتوعيتهم بشأن المسائل المتعلقة بحظر التحريض على الكراهية، فإنّه لازالت تصلنا معلومات حول شيوع ثقافة الكراهية داخل الأجهزة الأمنية واستخدام عبارات الشتم الطائفي واهانة المعتقدات الدينية للمعتقلين خاصة أثناء تعرضهم للتعذيب.
ضمن الرصد الحقوقي لمنتدى البحرين لحقوق الإنسان تم رصد 6600 مادة إعلامية ورسائل تحرض أو تساعد في التحريض على الكراهية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين والمجتمع المدني والجمعيات السياسية والدينية ومؤسسات حقوقية دولية بما فيها المفوض السامي لحقوق الإنسان والمواطنين البحرينيين الذين يتبنون آراء مناهضة للسلطة، توزعت عبر التالي 1415 مادة اعلامية في الصحف الرسمية الأربع، و 4970 مادة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك عن عن طريق شخصيات رسمية واعلامية منهم: رئيس الأمن العام طارق الحسن، الوكيل المساعد للمعلومات والمتابعة في ديوان رئيس الوزاء إبراهيم الدوسري ومستشارة وزارة الإعلام البحرينية سوسن الشاعر، والنائب السابق محمد خالد، والصحفيين: فيصل الشيخ، فريد حسن، منى مطوع، سعيد الحمد.
وقد توزعت المواد الإعلامية المحرضة على الكراهية في الصحافة الرسمية سواء في صحف رسمية أو مدعومة حكومياً عبر التالي:
- عدد 382 مادة في جريدة الأيام البحرينية،
- عدد 628 مادة في صحيفة أخبار الخليج البحرينية،
- عدد 220 مادة في جريدة البلاد البحرينية،
- عدد 666 مادة في صحيفة الوطن البحرينية.
كما تم ملاحظة أنّ بعض المواد الإعلامية التي تساعد في التحريض على الكراهية أو تحتوي على معلومات مغلوطة ضد المعارضة تكون في صياغة شبه مشتركة في أغلب الصحف الخليجية؛ حيث تم رصد 70 مادة اعلامية في الصحف الخليجية والعربية خاصة بحملة التحريض ضد زعيم المعارضة البحرينية الشيخ علي سلمان ما بين أغسطس - ديسمبر من العام 2017.
كما تم رصد 229 مادة إعلامية ورسائل تحرض أو تساعد في التحريض على كراهية الطائفة الشيعية في البحرين، للإعلامي سعيد الحمد، وذلك من خلال متابعة ما ينشره من مقالات صحفية في جريدة الأيام البحرينية أو عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" خلال 2017.
كما أنَّ منسوب مواد الكراهية الطائفية والسياسية المحرّضة على العنف السياسي التي ينشرها سعيد الحمد ارتفعت في شهري مايو ويونيو؛ حيث كان من أبرز المشاركين في حملات التحريض ضد التجمع السلمي المنعقد في منطقة الدراز، قبل أن تقدم السلطات الأمنية على فضه باستخدام القوة المفرطة.
ومن المفردات التي عادة ما يستخدمها سعيد الحمد في المواد الإعلامية المنشورة: الصفوي والمجوس والعملاء وجماعة دوار العار والخونة وغيرها من المفردات البذيئة التي تعرض بالكرامة الإنسانية لمكون أصيل في البحرين وهم الطائفة الشيعية، الذين يشكلون ما يتجاوز على 60% من الديمغرافية الدينية.
فضلاً عن ما نشره سعيد الحمد من مواد إعلامية تحمل خطاب كراهية ضد المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية ومنهم المفوض السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين الذي نشر ضده في 8 مارس/ آذار 2017، بسبب انتقاده للوضع الحقوقي في البحرين خلال كلمة له أثناء استعراضه للتقرير السنوي في الدورة 34 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وقوله بأنّ "القمع لن يقضي على مظالم الناس في البحرين ولكن سيزيد هذه المظالم".
والجدير بالذكر أنَّ سعيد الحمد قد نشط في بث خطابات الكراهية منذ اندلاع الأزمة في 2011 من خلال تلفزيون البحرين ولاحقا في قناة الاتحاد التي تم اغلاقها في 31 مايو 2015 بسبب عدم تقديمها جديدا كما ذكر ذلك سعيد الحمد عبر موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، واللافت بأنّ قناة الاتحاد لم تكن تبث سوى برنامج (مع سعيد الحمد) والذي تم رصد المئات من مواد الكراهية أثناء بثه له، بيد أنّه لم تجري أي مسائلة قانونية حتى هذه اللحظة على تورط الحمد في نشر مواد الكراهية؛ رغم انتقاد تقرير اللجنة الوطنية المستقلة لتقصي الحقائق لتورط الإعلام الرسمي بنشر التغطيات التحريضية في 2011.
كذلك، ومن بين من تم رصدهم الكاتب في صحيفة الوطن فيصل الشيخ؛ والذي تم رصد 148 مقالاً صحفياً له إحتوى تحريض على الكراهية خلال 2017، من بينها 9 مقالات صحفية في شهر سبتمبر/ أيلول 2017، منها ثلاث مقالات لها صلة بالشأن الحقوقي في جنيف، وكان أحدها مقال له بتاريخ 13 سبتمبر/ أيلول وصف فيه المفوضية السامية بـ "مفوضية حقوق المجرمين"، كما حول بعض العبارات التحريضية في المقال إلى 6 تغريدات عبر حسابه في تويتر، اضافة إلى أنّه هاجم منظمة العفو الدولية في مقال بتاريخ 9 سبتمبر/ أيلول واصفا إيَّاها بأنّها "تبيع مصداقيتها برخص في سوق النخاسة في سبيل دعم مجرمين وإرهابيين ومرتزقة".
ويلاحظ في مقالات فيصل الشيخ الصحفية إستخدامه بشكل واسع ومتكرر مفردات ضد الناشطين السياسيين والحقوقيين ومعتقلي الرأي والمحتجين السلمين؛ مثل "الخونة والمجرمين والعملاء".
كذلك، ومن بين نماذج خطابات الكراهية التي تزامنت بين الصحف الرسمية ومواقع التواصل الاجتماعي ما تم رصده من 82 مادة اعلامية ورسائل تحرض أو تساعد في التحريض على الكراهية وانتهاك حقوق الطفل البحريني، ما بين 4 – 11 إكتوبر/ تشرين الأول 2017 ضد حملة التغريد #اعتقال_أطفال_البحرين؛ وذلك من خلال متابعة ما ينشر في صحيفة الوطن البحرينية وصحيفة أخبار الخليج، و 62 حساباً في مواقع التواصل الاجتماعي؛ وقد ارتفعت وتيرة التحريض الإعلامي بعد تغريدات طارق الحسن رئيس الأمن العام.
ومن أبرز الأسماء التي نشرت مواد تحريضية في هذه الفترة هي: طارق الحسن رئيس الأمن العام، والصحفيين: فيصل الشيخ، منى مطوع، محميد المحميد، بالإضافة إلى خمسة حسابات لها متابعون كثر على مواقع التواصل الاجتماعي و 53 حساباً مختلفاً لأسماء متعددة، كما أنّ هذه المواد التي تم رصدها جاءت بعد الحملة الإعلامية التي تفاعل معها ناشطون ومواطنون نتيجة للاعتقالات التعسفية والانتهاكات التي تعرض لها عدد من الأطفال في البحرين، بما يخالف قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الأحداث (قواعد بيجين).
إنَّ الوصف الذي أطلقه رئيس الامن العام طارق الحسن حول المعتقلين لأسباب سياسية وكيدية من الأطفال وقال فيه عنهم بأنّهم "ضحايا إهمال وتقاعس الأهل وضحايا تحريض المتاجرين (بحقوق الإنسان) وخدام الشرق والغرب من الخونة والعملاء والمتطرفين"، وهي تفسر طبيعة العقيدة الأمنية المعكوسة بدلاً من حماية حقوق المواطنين، وتحولت هذه التغريدة إلى مادة مشجعة للصحفيين وبعض المغردين في مواقع التواصل الاجتماعي وساهمت في رفع تعداد مواد الكراهية الحاطة من الكرامة الإنسانية المنشورة ضد وسم #اعتقال_أطفال_البحرين.
كما أنَّ مقال الصحفي محميد المحميد المنشور في 8 إكتوبر/ تشرين الأول 2017 بصحيفة أخبار الخليج تحت عنوان: ضحايا الإهمال وتقاعس الأهل، تكررت فيه على سبيل المثال مفردة الخونة والعملاء، وهو المقال الذي استند على تأييد ما ورد من تغريدات لطارق الحسن، أو في المقال الذي نشرته منى المطوع بتاريخ 10 إكتوبر/ تشرين الأول 2017 أو فيصل الشيخ بتاريخ 11 إكتوبر/ تشرين الأول 2017 في صحيفة الوطن البحرينية واستخدمت فيه عدة عبارات ومفردات تحض على الكراهية من قبيل (عملاء) وغيرها.
ومن بين المواد التي تم رصدها، ما كتبه أحد المغردين (خالد بن علي بوهيلة): سحقا لكم يا خونة الوطن تغرسون الحقد والغل في الأطفال عند نشأتهم ليخرج جيلا من المجرمين يرهبون الآمنين يفسدون في بلادهم، والمغردة (fatima 2): قدموا أطفالهم قرابين للدجال –اشارة إلى عالم دين شيعي بارز-، أوما كتبه المغرد (YOUSIFsh 2) من تغريدات استخدم فيها عبارات: أذناب المجوس، ملالي الدجل والنفاق، بالإضافة إلى عدة تغريدات نشرتها الصحفية منى مطوع وصفت به بيوت عوائل الضحايا بأنّها "باتت دور حاضنة للإرهاب أمام آبائهم الذين دنسوا طفولتهم بالاجرام"، بالإضافة إلى مقارنتها المعارضين السياسيين بالجماعات المتطرفة (داعش) ووسمهم بالانقلابيين.