انتهاك الحريات الدينية
في موسم عاشوراء
الفترة من من 29 سبتمبر إلى 15 أكتوبر 2016
---------------------------------------------
تعريف بموسم عاشوراء
يحيي المسلمون الشيعة في البحرين موسم عاشوراء منذ مئات السنين، حيث يمارسون شعائرهم الدينية بمناسبة ذكرى عاشوراء التي قتل فيها الإمام الحسين (ع) حفيد النبي محمد (ص)، ويعتبر خطباء المنابر الحسينية في موسم عاشوراء من أهم المرتكزات في هذا الموسم، إذ تقوم إدارات الحسينيات والمآتم بالاتفاق مع أحد علماء الدين أو الخطباء لطرح مواضيع ثقافية ودينية وتاريخية تتعلق بهذا الموسم.
في السنوات الأخيرة ارتكبت السلطات الأمنية في البحرين انتهاكات تمس حرية الدين والمعتقد بحق المواطنين الشيعة، وذلك ضمن ارتفاع منسوب الاضطهاد الطائفي بحقهم طال عدداً كبيراً من الخطباء، حيث بلغ عدد رجال الدين الذين تم استهدافهم 131 رجل دين، فضلاً عن 35 رادود أو منشد، والذي سبقت الإشارة له في المحور الأول من التقرير.
لقد تمت الإشارة كذلك لبعض الانتهاكات المتصلة بموسم عاشوراء ضمن تسلسل الحوادث؛ وفيما يلي بعض التفاصيل التي ترصد الانتهاكات التي قامت بها السلطات البحرينية لشعائر عاشوراء، والتي تمثلت في: الاستدعاء والتحقيق مع الخطباء والمنشدين الدينيين ومسؤولي المآتم والأفراد العاديين، والاعتقال التعسفي وإساءة المعاملة، وتخريب ومصادرة مظاهر الحداد التي يضعها المسلمون الشيعة على المآتم وفي الطرقات، فضلاً عن قمع المشاركين في مراسم الإحياء ومسيرات العزاء بالغازات المسيلة للدموع، وكذلك قمع بعض المسيرات التي خرجت احتجاجاً على تخريب ومصادرة رجال الأمن لمظاهر الحداد.
خلاصة الحالات
بلغت حالات الاستدعاء والاعتقال التعسفي (32) حالة، فيما بلغ عدد حالات إتلاف مظاهر عاشوراء (59) حالة، وبلغ عدد حالات المصادرة (60) حالة. وفيما يتعلق بقمع الاحتجاجات على نزع اللافتات والتعدي على مظاهر عاشوراء فقد بلغ (14) حالة، فضلاً عن قمع مسيرة عزاء واحدة، وقد منعت السلطات عدد (9) خطباء من دخول منطقة الدراز، ليكون مجموع حالات انتهاكات عاشوراء على مدى 15 يوماً (175) حالة.
الاستدعاء والاعتقال التعسفي:
بدأت السلطات البحرينية قبل بداية موسم عاشوراء بمضايقات للنشاطات الدينية التي يقوم بها المواطنون استعدادًا لإحياء موسم عاشوراء، حيث عمدت السلطة إلى استدعاء (14) فرداً من رؤساء الحسينيات والمآتم في جزيرة المحرق بتاريخ 29 سبتمبر/ أيلول.
ومن جانب آخر، قامت السلطات الأمنية بالتضييق على عدد من خطباء المنبر الديني، حيث قامت باستدعاء (12) خطيباً والتحقيق معهم، على خلفية قضايا تاريخية متصلة بواقعة مقتل الحسين قبل 14 قرناً من الزمان، إذ تدعي السلطات الأمنية أنّ الخطباء يهينون ويتطاولون على شخصيات إسلامية، في إشارة إلى (يزيد ابن معاوية) قاتل الإمام الحسين عليه السَّلام حفيد رسول الله (ص)، بخلاف اتفاق المسلمين الذين لا يصنفون يزيد بن معاوية كونه صحابياً أو رمزاً دينياً.
كما أوقفت السلطات (3) من علماء الدين الذين يشاركون في إحياء مراسم عاشوراء، منهم السيد محمد هادي الغريفي الذي اعتقل يوم الأربعاء 5 أكتوبر/ تشرين الأول والذي أخلت النيابة العامة سبيله فيما بعد.
كذلك، استدعت السلطات الأمنية في 16 أكتوبر/ تشرين الأول، خمسة خطباء هم: عباس ملا عطية الجمري، والشيخ عبدالمحسن ملا عطية الجمري، والسيد صادق الغريفي، والسيد فيصل الطالبي، والشيخ حسن العالي؛ وذلك للتحقيق معهم في مركز شرطة مدينة حمد الجنوبي. واستمر التحقيق معهم لأكثر من 10 ساعات منعتهم خلالها حتى من شرب الماء.
بعد التحقيق، تم الإفراج عن عباس ملا عطية الجمري وعن الشيخ حسن العالي والسيد فيصل الطالبي، وقررت حبس كل من السيد صادق الغريفي والشيخ عبدالمحسن ملا عطية الجمري، وذلك لعرضهما على النيابة العامة صباح اليوم التالي، وقد جاء التحقيق مع السيد صادق الغريفي حول حديثه عن “تاريخ القرى البحرينية”، فيما كان التحقيق مع الشيخ عباس ملا عطية الجمري حول تطرقه إلى موضوع “التكفير” الذي تناوله بالنقد في إحدى خطبه.
من جانب آخر، عمدت السلطات الأمنية إلى إطالة وقت انتظار رجال الدين والخطباء قبل بدء التحقيق، حيث يكون وقت الانتظار بالساعات، ما يعني عدم تمكنه من الخطابة، ويتم إخلاء سبيله بعد انتهاء موعد برنامجه الخطابي، كما حدث إلى الشيخ ميثم السلمان، الذي تم التحقيق معه لقرابة 6 ساعات بشأن خطب دينية ألقاها بمناسبة عاشوراء؛ حيث أخلي سبيله في وقت متأخر من مساء الإثنين 10 أكتوبر/ تشرين الأول، وطلب منه الحضور لاستكمال التحقيق في اليوم التالي.
تجدر الإشارة إلى أن السلمان استدعى للتحقيق لدى السلطات الأمنية مرات عديدة خلال العام 2016 على خلفية خطب دينية، وكذلك على خلفية نشاطه في مجال حقوق الإنسان حيث يشغل منصب مسؤول الحريات الدينية في مرصد البحرين لحقوق الإنسان.
كذلك، قامت السلطات بالتحقيق مع المنشد "حسين ملا حسن سهوان" وتوقيفه ليوم واحد وذلك بسبب مشاركه قال فيها أنّ "يزيد ابن معاوية" هو قاتل الإمام الحسين عليه السلام.
في السياق ذاته، اعتقلت السلطات الأمنية الإعلامي فيصل هيات بتهمة تعرضه إلى يزيد ابن معاوية - كما سبقت الإشارة في موضوع سرد الحوادث - إلى جنب الناشط الاجتماعي أحمد الريس، الذي عرف بنشاطه الديني في الأمور المتعلقة بإحياء موسم عاشوراء.
وقد بلغ عدد حالات الاستدعاء والاعتقال (32) حالة، منها (27) حالة استدعاء تم اعتقال (5) حالات منها، وقد أفرج عنهم فيما بعد، عدا الإعلامي فيصل هيات الذي صدر بحقه حكم قضائي بالحبس ثلاثة شهور كما سبقت الإشارة.
حالات الإتلاف والمصادرة:
قبل حلول الموسم بعدد من الأيام، واستعدادًا لإحياء موسم عاشوراء لدى الشيعة، يقوم المواطنون بتركيب اللافتات ووضع الأعلام السوداء في بعض الطرق وعمل بعض المجسمات التي تضفي أجواء الحزن ضمن هذا الموسم، وهي عادة معروفة لدى المواطنين من عشرات السنين.
في العام 2016 عمد رجال الأمن لدخول بعض المناطق بقصد إتلاف اللافتات والأعلام والمجسمات ومصادرتها بعد إتلافها، إذ تم رصد عدد (59) حالة إتلاف ومصادرة، فضلاً عن مصادرة مكبرات الصوت لأحد المواكب في منطقة النويدرات، إذ قامت قوات الأمن بمهاجمة المواكب بتاريخ 12 أكتوبر/ تشرين الأول، وفرقته بالغازات المسيلة للدموع والقنابل الصوتية، وقامت بمصادرة مكبرات الصوت والأعلام التي كان يحملها المشاركون بعد أن تم تفريقهم بالقوة.
بذلك يكون مجموع ما تمت مصادرته من لافتات وأعلام ومجسمات... وغيرها (60) حالة في (25) منطقة في البحرين.
كذلك، واحتجاجاً على استهداف مظاهر عاشوراء، نظم عدد من المواطنين في مناطق مختلفة من البحرين مسيرات احتجاجية على نزع اللافتات والأعلام ومجسمات عاشوراء وقد استخدمت السلطات القوة مع المحتجين، حيث قامت بقمع (14) احتجاجًا.
حالات المنع للخطباء من دخول منطقة الدراز:
مع استمرار الحصار على منطقة الدراز منذ إسقاط الجنسية البحرينية عن الشيخ عيسى قاسم حتى بداية موسم عاشوراء، شكّل هذا الحصار مضايقات على تحركات المواطنين من ضمنها مضايقات تمس الحق في ممارسة الشعائر الدينية لدى الشيعة في إحياء عاشوراء، وخاصة الخطباء.
ففي يوم الاثنين 3 أكتوبر/ تشرين الأول، منعت السلطات البحرينية (5) خطباء من دخول منطقة الدراز رغم تعرفيهم لدى الجهات الأمنية التي أوقفتهم بأنّهم خطباء للحسينيات، وفي يوم الثلاثاء 4 أكتوبر/ تشرين الأول، سمحت السلطات الأمنية بدخول الشيخ محمد علي المحفوظ خطيب مأتم الدراز الكبير، أمّا بقية الخطباء الأربعة الذين تم منعهم في اليوم الأول فقد قامت السلطات الأمنية بمنعهم في اليوم الثاني على التوالي، بذلك يكون حالات المنع من دخول منطقة الدراز (9) حالات على يومين متتالين.
مقارنة إحصائية مع الأعوام السابقة:
تصاعد حجم الانتهاكات المرتبطة بموسم عاشوراء في العام 2016 مقارنة بالأعوام السابقة، حيث بلغ عدد الحالات المتعلقة بالتضييق على مراسم إحياء ذكرى عاشوراء (57) حالة خلال العام 2013، و(79) حالة خلال العام 2014، و(169) حالة خلال العام 2015، أمّا في العام 2016 فقد سجل المنتدى (175) حالة، شملت الاستدعاء والتحقيق مع الخطباء والمنشدين الدينيين ومسؤولي المآتم والقائمين على الفعاليات الدينية والنشطاء والأفراد المشاركين في مراسم إحياء الذكرى، والاعتقال التعسفي وإساءة المعاملة، فضلاً عن تخريب ومصادرة السواد واللافتات والأعلام، والاستخدام المفرط للقوة أثناء قمع القوات للمشاركين في مراسم الإحياء على خلفية تخريب ومصادرة السواد.