نشر منتدى البحرين لحقوق الإنسان قراءة قانونية ردا على بيان النيابة العامة والذي ادعت فيه بأنّ محاكمة زعيم الطائفة الشيعية في البحرين آية الله الشيخ عيسى قاسم ليست بسبب “فريضة الخمس”؛ حيث من خلال القراءة القانونية لملف القضية يتضح بأن لا سند قانوني لها وبأن المستهدف هو فريضة الخمس والوجود الشيعي، كما أنّنا للتأكيد على ذلك ننشر مرفقا بهذا التقرير وثيقة من محضر تحقيق النيابة العامة بتاريخ 13يوليو مع/محمد طاهر القطان مدير إدارة الشئون الدينية بوزارة العدل.
إنّ التكييف القانوني كما ورد في أمر الإحالة لقضية آية الله الشيخ عيسى قاسم وآخرين من النيابة العامة كانت تهمة غسيل أموال مع تهمة جمع أموال بدون ترخيص (الخُمس) وذلك من خلال وصفها القانوني للتهم أدناه: 1- اكتسبوا وحازوا المبالغ المبينة بالتحقيقات وأخفوا طبيعتها ومصدرها ومكانها مع علمهم بأنها متحصلة من جريمة جمع أموال بدون ترخيص، بأن أجروا عليها عمليات إيداع وسحب وشراء وتخصيص وتوزيع بما من شأنه إظهار أن مصدرها مشروع على خلاف الحقيقة وذلك على النحو المبين تفصيلاً بالتحقيقات. 2- جمعوا أموال للأغراض العامة دون حصول على ترخيص وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
وللرد على ذلك يكون كالتالي:
النيابة العامة عندما قامت بتكييّف أولي للتهم الموجهة لسماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم وأثنين من العاملين بمكتبه الخاص عن أموال الخُمس فأنها قد وقعت في خطأ من ناحية أنها حققت في عمل مباح(بل واجب شرعا) ولا توجد عليه شبهة جنائية، حيث أن المادة الثانية من الدستور البحريني لعام 2002 تنص على أن ( دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع،،،) وتنص المادة السادسة عشرة من قانون العقوبات البحريني ( لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون أو العرف) ، ولما كان استلام أموال الخُمس هو تكليف شرعي بحسب المذهب الجعفري وفريضة الخُمس تُلزم الشخص المكلف بأدائها أن يبحث عن الفقيه العادل والثقه فإن الأشخاص هم من يقومون بتسليمها إلى آية الله الشيخ عيسى قاسم لثقتهم فيه وأنه يمتلك الوكالة الشرعية عن المرجع الأعلى السيد علي السيستاني،وكذلك هذا ما تعارف عليه الناس المكلفين بأداء فريضة الخُمس إلى المرجع الديني والفقيه تسهيلاً لصرفه على أوجه الضوابط الشرعية من أحكام الإسلام.
ومن ناحية أخرى وقعت في خطأ التكييف القانوني عندما وكيّفت الأفعال المباحة (بل الواجبه شرعاً) بأنها مجرّمه بحسب قانون حظر ومكافحة غسيل الأموال وقانون جمع الأموال للأغراض العامة، حيث أن القانونين الأخيرين لا تنطبق فيهم مسألة الخُمس، إذ أن مسألة غسيل الأموال أو تبييض الأموال هي أحد الجرائم الأقتصادية التي يهدف من خلالها الشخص أن يضفي على الأموال المتحصلة من عمل غير مشروع شرعية قانونية، ويكون ذلك بحيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو إستبدالها أو أيداعها أو أستثمارها أو التلاعب في قيمتها.
إذا جريمة غسيل الأموال أو تبييضها لها ركنان أساسيان وهما الأموال متحصلة بطريق غير مشروع (مصدر غير شرعي) و الركن الأخر القصد الجنائي (العلم والإرادة والنية) وإذا أنتفى ركن أنتفت الجريمة.
وعن الحالة التي نحن بصددها حول التكييف القانوني من النيابة العامة في أمر الإحالة لمحاكمة آية الشيخ عيسى قاسم بأن أموال الخمس (أموال شرعية) التي يستلمها من المكلفين شرعا وفق المذهب الجعفري، فإنها لا يمكن أن تكون كذلك، لأن الأموال هي متحصلة من أعمال مشروعة وهي جزء (نسبة محددة مسبقاً) من كسب الفرد المكلف بتسليمها للمرجع الديني (الفقيه) وهي فريضة على المسلم وإن أختلف في مقدار النسبة أو تسميتها إلا أنه مجمع بين فقهاء المسلمين على أن الفرد المسلم مكلف بها. ومن ناحية أخرى فأن آية الله الشيخ عيسى قاسم (الفقيه) ، هو يستلم الأموال ويقوم بإيداعها في المصرف (البنك) من أجل توزيعها على المستحقين (وفق ضوابط شرعية إسلامية) ، وليس هناك عملية مالية مخفية أو وهمية على البنوك أو الدولة يمكن أن تكون عملية غسيل أو تبييض للأموال ، بل على العكس هي من مصدر مشروع وإلى جهة مستحقة مشروعة.
وإذا ما نظرنا إلى القانون البحريني رقم 4 لسنة 2001 بشأن حظر ومكافحة غسل الأموال ، فإننا نجد تعريف غسيل الأموال أو تبييضها واضح ومحدد وقد حدد الأفعال التي يمكن أن تكون هي عملية غسيل أموال، وأن حالة آية الله الشيخ عيسى قاسم لا تنطبقاً بتاتاً عليه أو على عملية أستلام الخمس.وأن تكييف القضية(الأفعال) بأنها غسيل أو تبييض أموال لا تستقيم، راجع نص القانون.
أضف إلى ذلك فأن فريضة الخمس لا تدخل في مفهوم جمع الأموال لأغراض عامة الذي نظمته بعض القوانين (قانون جمع التبرعات الخيرية العامة، قانون تنظيم جمع المال للأغراض العامة، قانون حظر ومكافحة غسل الأموال) فكل هذه القوانين لم تتطرق لمسألة الخُمس، بل هذه القوانين تعالج الأموال العامة التي تجمع ولا يعرف مواردها ومصدرها ولا يعرف كيف وأين تصرف، وأما مسألة الخمس فأن مصدره معروف وغير مطلق وموارده محدده وفق أحكام الشريعة ويصرف وفق ضوابط الشريعة.
ومن خلال قراءة محضر تحقيق النيابة العامة بتاريخ 13 يوليو مع/محمد طاهر القطان مدير إدارة الشئون الدينية بوزارة العدل، وبفحص المحضر يتبين التالي:
أ- إجابته على السؤال الأول يذكر بأن أموال الخُمس تخضع لقانون جمع الأموال للأغراض العامة. ويأكد على ذلك في الإجابه على السؤال الثامن أيضاً. ب- إجابته على السؤال الأخير بنفس المحضر يذكر القطان بأن الترخيض واجب قانوني حتى على أموال الخمس.
|