البحرين: وتيرة انتهاكات حقوق الإنسان لا تُنبئ بإصلاحات حقوقية قريبة في الثامن من شهر أبريل الفائت أَفرجَت سلطات البحرين عن مئات المعتقلين السياسيين، وقد كان يزيد عدد المعتقلين السياسيين عن 1300 معتقلاً في سجون البحرين، وبعد الإفراجات أصبح العدد يزيد عن 560 معتقلاً، في خطوة اعتبرتها المنظمات الحقوقية المستقلة خطوة إيجابية أعادت لبعض المواطنين الذين تعرضوا للاعتقال على خلفيات سياسية، بعض حقوقهم وليس كلّها. إذ إنّ المنظمات الحقوقية المستقلة رأت أن الافراج عن معتقلين سياسيين يستوجب أن يكمّل بجبر الضرر والتعويض لهم فضلاً عن إسقاط الأحكام القضائية التعسفية عنهم، والتي أُسنِدَت إليها أسباب سجنهم، وكذاك مسائلة المتورطين في مسار كامل من انتهاكات حقوق المواطنين الذي يبدأ بتوجيه تهم جرمية على خلفيات سياسية، يتبعها إجراءات تحقيق تحت الضغط والتعذيب ومن ثمّ محاكمات قضائية منحازة وغير عادلة وصدور أحكام تعسفية، وبعد ذلك اعتقالات تعسفية استمرت لأكثر من عقد من الزمن بالنسبة للكثير من معتقلي الرأي في ظل ظروف السجون التي تعرّض فيها السجناء لمختلف أشكال التعذيب وسوء المعاملة. فضلاً عن أنّ المنظمات الحقوقية المستقلة أكّدت على وجوب الافراج عن كافّة المعتقلين السياسيين وليس بعضهم، كشرط أساسي لتحقيق إعادة الحقوق فعلياً للمواطنين الذين اعتقلوا على خلفيات سياسية. إذاً فإنّ المنظمات الحقوقية المستقلة رحّبت بخطوة الافراج عن بعض المعتقلين السياسيين وساهمت برسم خارطة طريق توضح كيفية تطبيق العدالة الانتقالية التي تضمن عدم تكرار الانتهاكات السابقة وعدم الأخذ مجدّداً بمسبّباتها الأساسية. وتأمّلت عوائل المعتقلين الذين لم يفرج عنهم، بالفرج العاجل لأبناءهم أيضاً، حيث بدت الافراجات للوهلة الأولى بالنسبة لعوائل المعتقلين وكذلك بالنسبة للمتابعين للوضع الحقوقي والسياسي في البحرين، وكأنّها مقدّمة لخطوات إيجابية أخرى. ولكن وقفت الأمور عند ذلك الحد، واستمرّت السلطات باعتقال المزيد من المواطنين تعسفياً، كان آخرهم خمس مواطنين اعتقلوا خلال شهر يونيو الجاري على خلفية مشاركتهم في تظاهرة سلمية نصرةً لغزة. والتعاطف مع فلسطين كان دائماً تهمة تعاقب عليها سلطات البحرين ليس فقط بعد 7 أكتوبر 2023، وإنّما تزايدت بعد ذلك التاريخ حيث قامت السلطات باستدعاء أو اعتقال أو إصدار أحكام بحق (76) مواطناً بتهم تتعلّق بالتضامن مع فلسطين. كما بقِيَت ظروف السجون على حالها من حيث التضييق على معتقلي الرأي وتعذيبهم وحرمانهم من العلاج، سواءً في بعض الحالات الفردية أو على مستوى جماعي. فقد استخدمت إدارة سجن جو المركزي القوة المفرطة ضد المعتقلين الذين اعتصموا في ممرات السجن خلال النصف الثاني من شهر أبريل احتجاجاً على حرمانهم من حقوقهم، ممّا أدّى إلى إصابة بعض المعتقلين. كما حاولت إدارة السجن أن تضغط على المعتقلين الذين اعتصموا خلال شهر مايو، عبر تقليص وجبات الطعام المقدّمة لهم لتقتصر على الخبز اليابس، عوضاً عن أخذ مطالبهم المحقة بعين الاعتبار وبشكل جدّي ووضع حد لظروف السجن المزرية التي يشتكي منها المعتقلون. فضلاً عن نقل (8) معتقلين إلى مبنى العزل الأمني لأسباب أخرى. ومن حالات الانتهاكات الفردية البارزة التي حصلت كانت استمرار حرمان المعتقل الستّيني محمد حسن الرمل الذين يعاني منذ سبع سنوات من أمراض مزمنة وأمراض خطرة مثل الإلتواء في بعض فقرات العامود الفقري والقرحة في المعدة، في ظل تعمّد إدارة السجن حرمانه من العلاج ومن عرضه على أطباء مختصين في المستشفى، وقد ألغت إدارة السجن ستة مواعيد طبية على الأقل كانت مقررة له بين عام 2021 و 2024، ولم تتجاوب مع إضرابه المتكرر عن الطعام. ومن الحالات البارزة الأخرى التي تعكس استخفاف عيادة السجن بصحة المعتقلين، كانت حالة المعتقل أحمد عباس عبدالشهيد الغسرة الذي تعرّض خلال شهر مايو الفائت لكسر وتشوّه في فكّه العلوي على يد الطبيب في عيادة السجن محمد سعد الذي قام بمحاولة خلع ضرس المريض المعتقل عوضاً عن إصلاحه ودون استئذان المريض لذلك، وشق لثّة المريض بشكل أحدث نزيفاً، ممّا استوجب نقل المريض إلى المستشفى بشكل طارئ وإجراء عملية جراحية، وبقاء التشوّه في فكه العلوي بشكل دائم. وغيرها من الحالات الفردية التي بلغ مجموعها (24) حالة خلال شهرَي أبريل ومايو فقط. إنّ استمرار قيام سلطات البحرين باعتقال المواطنين على خلفيات سياسية وتعذيب المعتقلين السياسيين، يشير إلى عدم تغيّر في السلوك القمعي الممنهج للسلطات حتى بعد الافراج عن عدد كبير من المعتقلين السياسيين خلال أبريل الفائت، ممّا يُبقي التخوّف لدى المواطنين من التعرّض للاعتقال التعسفي في أي لحظة كما جرت عليه العادة منذ حراك 14 فبراير 2011، حيث بلغ عدد الاعتقالات التعسفية بين سنة 2019 وحتى شهر مايو 2024 (1267) حالة اعتقال بحق مواطنين من ضمنهم (160) حالة اعتقال أطفال من بينهم طفلة (واحدة) هي حور يعقوب العجمي من محافظة الشمالية والتي تمّ اعتقالها لمدة 3 أيام بموجب مذكرة استدعاء سنة 2020. وبين حالات الاعتقال (13) حالة اعتقال نساء، (حالتَي) اعتقال بحق مواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة هما السيد علي محمد رحمة الله وهاني محمد النجار، (21) حالة اعتقال علماء دين، (17) حالة اعتقال منشدين دينيين (رواديد)، (3) حالات اعتقال لاعبين رياضيين هم محمد خليل ابراهيم (لاعب بولينغ) وحسين عيسى أبورويس (لاعب كرة القدم الشاطئية) والطفل حينها محمد حبيب يحيى عبدالله بداو (لاعب كرة اليد). وقد توزّعت الاعتقالات بحسب السنوات على الشكل التالي: - (541) حالة اعتقال سنة 2019
- (185) حالة اعتقال سنة 2020
- (166) حالة اعتقال سنة 2021
- (102) حالة اعتقال سنة 2022
- (216) حالة اعتقال سنة 2023
- (57) حالة اعتقال سنة 2024 (يناير إلى مايو)
|