البحرين: الاستدعاء للتحقيق أداة لقمع الحريات ما زالت سلطات البحرين مستمرة في تجريم حرية الرأي والتعبير وفي محاسبة من يمارس هذا الحق وكأنّه جناية أو جنحة تستوجب استنفار أجهزة التحقيق، فيما لا تزال السلطات نفسها لا ترى أي مشكلة في ممارسات الأجهزة الأمنية الذين يرتكبون المخالفات والجنح وحتى الجنايات أحياناً بحق المواطنين السلميين ومعتقلي الرأي، فتُقابِل هذه الجرائم بالتغاضي عنها وإفلات مرتكبيها من العقاب. مرّ أكثر من سنة على واقعة قيام ضبّاط وعناصر شرطة في سجن جو المركزي بالاعتداء المبرح على المعتقلين الـ14 الذين كانوا معزولين عن باقي معتقلي الرأي في مبنى العزل الأمني، دون توفير إدارة السجن العلاج لهم من الجروح والندوب التي تسبّب بها المعتدون، ومرّ أكثر من سنة على إفلات مرتكبي الاعتداء من المحاسبة. وكذلك مرّ أكثر من سنة على قيام الناشط الحقوقي الأستاذ علي مهنا بالاحتجاج على تعرّض نجله معتقل الرأي حسين مهنا للاعتداء (وهو أحد المعتقلين الـ14)، عبر نشر صوتية في مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بتفاصيل الاعتداء وبأسماء الضباط والعناصر المتورّطين فيه، ولم يتلقّى الأستاذ علي مهنا حينها أي تجاوب على احتجاجه ولم تتحرّك النيابة العامّة المعنية ولا مركز التحقيقات الجنائية للنظر في الواقعة. ولكن في 10 يونيو 2024، قرّرت السلطات (أخيراً) أن تعيد النظر في الملف، فارتأت أن تستدعي الأستاذ علي مهنا إلى مركز شرطة الرفاع والتحقيق معه ومسائلته لأكثر من ساعتين حول الصوتية التي نشرها في يناير 2023 على مواقع التواصل الاجتماعي، عوضاً عن محاسبة المعتدين المعروفة أسماءهم. وكأنّ ارتكاب الجريمة ليس هو المشكلة، وإنّما فضح مرتكبيها هو الجريمة التي تستوجب الاستدعاء للتحقيق فيها والمحاسبة عليها! هذا السلوك من سلطات البحرين ليس جديداً ولا غريباً عن سياسة القمع الممنهج التي تطبّقها السلطات بشكل متزايد منذ حراك 14 فبراير 2011، فغالباً تأتي مذكرات الاستدعاء للتحقيق في مراكز الشرطة على خلفية ممارسة المواطنين لحقوقهم مثل حق النشر، حق التعبير، حق التظاهر والتجمع السلمي، حق ممارسة بعض الشعائر الدينية أو إطلاق الشعارات الدينية، وحتى حق التعبير عن التعاطف مع فلسطين! وفي سابقة حصلت أيضاً مع الأستاذ علي مهنا في أكتوبر 2021 استُدعي للتحقيق على خلفية "نية" المشاركة في تظاهرة سلمية مناهضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني. تهمة النية تكرّرت بعد شهر في نوفمبر 2021 مع المواطن علي همام الذي استُدعي للتحقيق بتهمة النية في مشاركة في مسيرة سلمية في منطقة الدراز. وقد رصد منتدى البحرين لحقوق الانسان (480) حالة استدعاءة تعسفي منذ بداية سنة 2020 وحتى شهر مايو 2024، من ضمنها (55) حالة استدعاء أطفال من بينهم طفلة (واحدة) هي حور يعقوب العجمي التي استُدعيَت إلى مركز التحقيقات الجنائية سنة 2020 على خلفية تغريدة نشرتها في مواقع التواصل الاجتماعي واعتقلت تعسفياً بعدها لمدّة 3 أيام قبل أن يتم إخلاء سبيلها بكفالة مالية بعد التوقيع على تعهّد بعدم نشر تغريدات مماثلة. كما حصلت (12) حالة استدعاء تعسفي بحق نساء، (15) حالة بحق علماء دين، (18) حالة بحق منشدين دينيين (رواديد)، (12) حالة بحق رؤساء أو أعضاء إدارات مؤسسات دينية (مآتم)، وحالة استدعاء (واحدة) لمواطن من ذوي الاحتياجات الخاصة هو حسن علي محسن بداو. تمّ استدعاء بعض الشخصيات الناشطة حقوقياً بشكل متكرر ولمرّات كثيرة أبرزهم الأستاذ علي مهنا الذي تمّ استدعاءه (41) مرّة خلال الفترة المذكورة، بالإضافة إلى كل من: - الحاج عبدالمجيد عبدالله محسن (معروف بالحاج صمود)، تمّ استدعاءه (39) مرّة
- الحاج منير مشيمع (شقيق ضحية القتل خارج إطار القانون سامي مشيمع)، تمّ استدعاءه (33) مرّة
- الحاج عبدالنبي الحواج، تمّ استدعاءه (12) مرّة
- الحاج عبدالهادي صالح مشيمع (والد ضحية القتل خارج إطار القانون علي مشيمع)، تمّ استدعاءه (10) مرّات
وقد توزّعت الاستدعاءات بحسب السنوات على الشكل التالي: - (92) حالة استدعاء سنة 2020
- (147) حالة استدعاء سنة 2021
- (100) حالة استدعاء سنة 2022
- (122) حالة استدعاء سنة 2023
- (19) حالة استدعاء سنة 2024 (يناير إلى مايو)
|