واقع التعذيب في البحرين حسين نوح مسؤول الرصد في منتدى البحرين لحقوق الإنسان أهلا وسهلا بالضيوف والمتابعين الكرام.. في البداية أود أن أوجه تحية إلى جميع المعتقلين السياسيين الذين يواجهون العذابات بشكل يومي داخل السجون، وأيضا نوجه التحية الكبيرة إلى: عوائلهم، أمهاتهم، وآبائهم، وأزواجهم، المضحين والصابرين على هذه العذابات ومن أجل وطن أفضل للجميع.. استمرت السلطات الأمنية في انتهاج أسلوب التعذيب رغم مطالبات المؤسسات الحقوقية الدولية التي بينهم: المفوضية السامية والإجراءات الخاصة والمقررين الخواص بتحسين الحالة الحقوقية وإيقاف التعذيب داخل السجون؛ حيث لم تتورع السلطات الأمنية لحظة عن استعمال شتى أنواع التعذيب وسوء المعاملة لمن يطرحون آرائهم السياسية المناهضة للسلطة أو يمارسون حرية التجمع السلمي وحرية التعبير عن الرأي وحرية تكوين الجمعيات وغيرها من الحقوق والحريات، التي هي عرضة للتقويض المستمر. لقد امتهنت الأجهزة الأمنية البحرينية أساليب التعذيب وسوء المعاملة العديدة، وقد رصد منتدى البحرين لحقوق الإنسان أكثر من 25 نوع من أساليب التعذيب، التي طالت الآلاف من الضحايا، وهنا أذكر بعضها: - الصعق الكهربائي.
- الاعتداءات ذات الطابع جنسي.
- الضرب بالأجسام الصلبة وبالأيدي.
- الحرمان من العلاج والرعاية الصحية اللازمة والمناسبة.
- التهديد بالاعتداء الجنسي على الضحية أو ذويه.
- الحرمان من قضاء الحاجة والاستحمام.
- الإخفاء القسري.
كما تترك بعض أنواع التعذيب العديد من العاهات الدائمة: إمَّا بسبب وسيلة التعذيب، أو بسبب تعريض الضحية من بعد تعذيبه إلى إهمال طبي لفترة طويلة ما يتسبب بعدم تجنب علاج تلك العاهة أو تقليل نسبة الإصابة. أمَّا السلاح المكمِّل في التعذيب هو ما تفعله بعض مؤسسات الدولة في التستر على التعذيب داخل السجون أو ما يتورط بها جناة التعذيب من العناصر الأمنية في غرف التحقيق بتقنيات مستحدثة بحيث يتمكنون من إخفاء التعذيب. كما ثبت لدى منتدى البحرين لحقوق الإنسان بأن أصعب أشكال التعذيب التي تمارسها السلطات الأمنية هي ضد القضايا المتعلقة بقضايا الرأي والضمير بقصد التمييز الطائفي والتشفي من المواطنين. إنَّ شيوع أنماط مختلفة من أشكال الإساءة في السجون وأمكان احتجاز المعتقلين تؤكد عدم التزام البحرين بتعهداتها الدولية بوضع التدابير اللازمة لمنع التعذيب وسوء المعاملة التي ينص عليها القانون الدولي والوطني، كما أن سياسة الإفلات من العقاب وغياب الرقابة القضائية على أماكن الاحتجاز تجعل من هذه الأنماط وأشكال الإساءة منتشرة في سجون البحرين، والكثير منها يتم أثناء التحقيق أو قبله للضغط على المعتقلين للإدلاء باعترافات ضد أنفسهم أو ضد معتقلين آخرين يتم توظيفها للملاحقات القضائية. ومن هنا نستعرض بعض حالات التعذيب:- الحالة الأولى لسماحة العلامة الشيخ عبد الجليل المقداد: يعاني سماحة الشيخ عبد الجليل المقداد من عدّة أمراض هي: الديسك في الظهر، تورّم في القدم، مشاكل في الرؤية، وآلام في الرأس ودوخة. حُدّد له موعد في مستشفى السلمانية بتاريخ 27 سبتمبر/ أيلول 2022، وقُبَيل أخذه إلى الموعد أخبره أحد عناصر الشرطة المرافقين أنّ الطبيب المعالج غير موجود في المستشفى، فردّ الشيخ متسائلاً "ما الحاجة للذهاب إلى المستشفى إذا كان الطبيب المعالج غائب؟"، فردّ عليه الشرطي المسؤول أنّه إذا رفض الذهاب رغم عدم وجود طبيب، فعليه أن يوقّع على مستند أمام الكاميرا يفيد فيه برفضه لتلقّي العلاج، فرض الشيخ ذلك لعدم صحّته، فقوبل رفضه بشتمه بألفاظ نابية جدّاً من قِبَل الشرطي علي فرحان وبتهديده بالاعتداء عليه جسديّاً إن لم يوقّع. وفعلاً حاول 5 عناصر شرطة الاعتداء عليه بالضرب ولكن تمّ منعهم مِن قِبَل عناصر آخرين، ونقل بعدها إلى مستشفى السلمانية عبر وضعه في صندوق سيارة الشرطة. الحالة الثانية للأستاذ حسن مشيمع الأمين العام لحركة حق المعارضة: بتاريخ 25 يونيو/حزيران 2018 تم حرمانه من الأدوية اللازمة للأمراض الضرورية، وبتاريخ 20 يوليو/تموز 2018 تضاعفت حالته الصحية بسبب حرمانه من العلاج، أمَّا في عام 2019 في 21 من شهر أغسطس/آب قامت الجهات المعنية بإلغاء موعدا له عند الطبيب بدون ذكر الأسباب. واستمرت الجهات الأمنية في حرمان الأستاذ حسن مشيمع من حق العلاج ففي 21 أكتوبر/تشرين الأول 2020 بعد تدهور وضعه الصحّي بشكل حاد، وارتفاع ضغط الدم لديه ممّا استوجب نقله إلى المستشفى العسكري وذلك بعد حرمانه من العلاج اللازم والمناسب لوقت طويل. 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 تدهورت حالته الصحية، وكانت إدارة السجن ما زالت تحرمه من مراجعة الطبيب المختص وهو يحتاج لمتابعة طبية منتظمة. أما في 26 فبراير/ شباط 2021 تدهورت صحته بشكل خطير بسبب مضاعفات مرض السكري في ظل إهمال طبّي متعمد من إدارة السجن، حيث كان يعاني من انتفاخ في القدمين مع ظهور بقع سوداء، وانتفاخ في الساق وآلام حادّة في الركبة ويعاني صعوبة كبيرة في المشي. وفي هذا العام من شهر يناير/ كانون الثاني رصدنا حرمانه من علاج أسنانه منذ 9 أشهر. الحالة الثالثة حالة معتقل الرأي أحمد جعفر محمد علي: في سنة 2012 سافر أحمد جعفر من البحرين إلى إيران ولم يعد إلى البحرين إلّا بعد استرداده قسراً من صربيا التي سلّمته سلطاتها إلى السلطات البحرينية رغم صدور قرار من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بوقف ترحيله، في 24 يناير/ كانون الثاني 2022 على أساس وعود من السلطات البحرينية بأن تتم إعادة محاكمته في القضايا التي أدين فيها، وكانت حينها 6 قضايا من بينها ثلاثة تهم في حوادث حصلت أثناء تواجده خارج البحرين بين عامَي 2013 و2015 مثل تهمة "المشاركة بقتل الشرطي الإماراتي الشحّي" الذي قُتل سنة 2015 أو ما يُعرف بقضية "سرايا الأشتر"، وهي قضايا لم يخضع التحقيق فيها للاشتراطات الحقوقية اللازمة. حادثة ضربه أثناء نقله إلى زنزانة المعتقلين الجنائيين: أثناء نقله إلى المبنى (12) العنبر (3) الغرفة رقم (1) بتاريخ 19 فبراير/ شباط 2022، رافقه 6 عناصر شرطة، أحدهم كان يحمل جهاز كاميرا بيده ويصوّر عملية نقل المعتقل. وبعد معرفة أحمد بأنه سيتم احتجازه مع سجناء جنائيين، اعترض على الأمر فقوبل اعتراضه بالضرب المبرح على مختلف أنحاء جسده وعلى صدره بشكل أخص من قِبَل عنصرَين من الشرطة الستة أحدهم يدعى "صدّام" والآخر يمني الجنسية لم يذكر اسمه، وذلك على مرأى الكاميرا التي كان يصوّر فيها عنصر آخر وكاميرات المراقبة المنتشرة في المبنى. أدّى ضربه المبرح على الصدر إلى تدهور حالته الصحية حينها، فأعلن إضرابه عن الطعام احتجاجاً على ما تعرّض له وتقدّم بشكوى حول الأمر، وعلى إثرها حضرت وحدة التحقيق الخاصة بتاريخ 25 فبراير/ شباط 2022 كان من ضمنها وكيل النيابة خالد الجلاهمة، وتمّ فحصه من قِبَل الطبيب الشرعي الخاص بوحدة التحقيق وتصوير آثار الإصابات على جسده ولكن لم يتلقى أي علاج. استمع وكيل النيابة إلى أقواله ودوّنها وادّعى أنّه يؤيّده وأنّه حريص على حقوقه واكتفى بنصحه بأن لا يصطدم بعناصر شرطة السجن وطلب منه التوقيع على أقواله، فوقّع عليها أحمد دون أن يقرأها. في اليوم التالي حضر وكيل النيابة محمد الزباري وأخذ أقواله أيضاً ودوّنها ثمّ طلب منه أن يوقّع عليها، فوقّع أحمد عليها أيضاً دون أن يقرأها، معتقداً أنّها فعلاً نفس الأقوال التي أدلى بها. وأخيراً أريد الإشارة إلى قضية المعتقلين المنسيين في سجن قرين العسكري: إن تجربة المجتمع البحريني في الاعتقال والتحقيق والقضاء العسكري للمدنيين تجربة مؤلمة منذ عام 2011 وذلك بأن المدنيين الذين يتم تحويلهم إلى القضايا العسكرية هو انتقام وتشفي منهم نتيجة لآرائهم السياسية المعارضة إلى سياسات السلطات البحرينية.. كما إنها هي تجربة قاسية تجسد مدى دافع الانتقام والاستهتار بالقانون وحقوق الناس في التعامل العسكري للمدنيين.. حيث تعرض عدد من المدنيين الذين تم التعامل معهم في الإجراءات العسكرية لأبشع أنواع التعذيب وسوء المعاملة في عام 2017 وهم: - السيد علوي السيد حسين الموسوي - محمد عبد الحسين المتغوي - السيد فاضل عباس - محمد الشهابي - والعسكري الوحيد الذي بينهم ولا تربطهم أيَّ صلة بالبقية وقد تعرفوا عليه في قاعة المحكمة العسكرية هو (مبارك عادل) وتعرضت هذه المجموعة إلى أبشع أنواع التعذيب العديد من الانتهاكات منها: - الاختفاء القسري - التعذيب القاسي - عدم سماح لهم بالزيارة - عدم سماح لهم بالاتصال - عدم تمكين من التقاء بالمحامي - عدم معرفة جهة المحققة لهم - عدم السماح لهم بتلقي العلاج وإشارة إلى ذلك بأن عدد من الانتهاكات لازالت مستمرة في حقهم، ومن هنا يطالب منتدى البحرين لحقوق الإنسان الإفراج الفوري عنهم وأن يتم فتح تحقيق مستقل لكافة الشكاوى التي تعرضوا لها من تعذيب وسوء معاملة.. |