ضحايا التعذيب: وقائع موت معلن تقدير موقف اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب منتدى البحرين لحقوق الإنسان 26 يونيو/حزيران 2023 لتصفح pdf: اضغط هنا المقدمة يُبرز اليوم الدولي للأمم المتحدة لمساندة ضحايا التعذيب في 26 حزيران/يونيو اليوم الذي دخلت فيه اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة —وهي إحدى الأدوات الرئيسية في مكافحة التعذيب— حيز التنفيذ في عام 1987. واليوم توجد 173 دولة طرفا في هذه الاتفاقية.[1] وقد انضمت لها البحرين وفق المرسوم بقانون رقم (4) لسنة 1998[2]، وكانت البحرين قد سبقت ذلك بإعلانها في فبراير/شباط 1998 عن تقاعد رئيس مباحث أمن الدولة إيان هندرسون[3]؛ تخفيفا للضغط الذي كانت تواجهها بسبب الأزمة السياسية والحقوقية والسمعة سيئة الصيت لانتهاكات جهاز أمن الدولة. في أكتوبر/تشرين الأول 2002، أصدر الملك المرسوم عدد 56 الذي يمنح حصانة من الملاحقة لمسؤولي الحكومة، الذي كان على ما يبدو يهدف إلى استباق مبادرة ستصدر عن الجمعية الوطنية[4]، وهو ما أثار انتقادات حقوقية[5]. "لا تقتصر مخالفة المرسوم بقانون (56) على أحكام الدستور، بل تمتد هذه المخالفة لأحكام ومبادئ الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وخصوصا اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر/ كانون الأول للعام 1984، والتي انضمت إليها البحرين سنة 1998، فصارت جزءا من التشريع الوطني لمملكة البحرين"[6]. رغم رصد حالات انتهاكات قبل 2011 بعد صدور دستور 2002 بإرادة منفردة، فإنَّ الانتقادات الحقوقية الدولية لما حدث من انتهاكات حقوقية بعد 14 فبراير/شباط 2011 تسبب بأن تذهب السلطات البحرينية في يوليو/تموز 2011، ردا على الضغوط الدولية، بقرار الملك حمد لإنشاء "اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق" (اللجنة البحرينية) للتحقيق في المزاعم المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان في الحملة الأمنية في فبراير/شباط 2011. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011، أصدرت اللجنة البحرينية تقريرا يتكون من 500 صفحة تقريبا تضمن النتائج التي تم التوصل إليها، وخلص إلى أن جهاز الأمن ووزارة الداخلية اتبعا "ممارسات ممنهجة من سوء المعاملة البدنية والنفسية والتي وصلت إلى التعذيب في عدة حالات٬ من قبل عدد كبير من الأشخاص المحتجزين في مراكز التوقيف"[7]. وكان منتدى البحرين لحقوق الإنسان قد اعتبر أن جريمة التعذيب تشكل أحد الأركان الأساسية في أدوات قمع الحريات والانتهاكات في البحرين، وهي ركن أساسي من العقيدة الأمنية، مشيرا إلى أن السلطات تعمل منذ عام 2011 على تطوير 21 نمط تعذيب وإساءة داخل السجون[8]. يذكر بأنَّ هنالك عدد من السجناء الذين قضوا تحت وطأة التعذيب في السنوات الماضية، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: عبد الكريم فخراوي الذي كان يبلغ من العمر 49 عاماً مات يوم 11 أبريل/نيسان 2011 بعدما تعرض للضرب خلال فترة احتجازه في جهاز الأمن الوطني. كان أحد المشاركين في إنشاء صحيفة الوسط، إحدى الصحف المستقلة القليلة في البحرين وعضو في حزب سياسي بارز. وزكريا العشيري (40 سنة)، قال أحد الشهود الذي كان معتقلا معه إنهما كانا معصوبي العينين ومقيدي اليدين وأُمِرا أن يستلقي على بطنهما. وفي الصباح، أخذ زكريا العشيري يهذي ويقرع على باب الزنزانة لكن الحراس اعتدوا عليه. قال الشاهد إنه سمع العشيري يصيح من الألم لأن الحراس ضربوه ثم أصبح صراخه مكتوما[9]. الأنماط السائدة للتعذيب وسوء المعاملة خلال السنوات الماضية رصدنا العديد من الأنماط المستخدمة كوسائل للتعذيب وسوء المعاملة، والتي تخضع أحيانا للتطوير والاستحداث كما هو حال تقنية: الحرمان من العلاج، الذي قد يكون على صور الإهمال المباشر، أو العبث بالمواعيد الطبية أو عدم العرض على الطبيب المختص أو التأخير الطويل للعرض على الطبيب المعالج أو فرض إجراءات تتعلق بالأدوية أو بالعلاج من غير المعاينة كحالات الإصابة الجماعي لمرض الجرب، ونستعرض بعض الأنماط السائدة: - الحرمان من العلاج.
- الصعق الكهربائي.
- الركل.
- الصفع واللكم.
- الاحتجاز لساعات دون مبرر قبل بدأ التحقيق.
- تعميم صورة الضحية في وسائل الإعلام قبل إدانته.
- الإصابة بسلاح ناري لمستوى يرقى للتعذيب.
- الحرمان من التواصل.
- الاختفاء القسري قصير الأجل.
- التقييد بطريقة مؤذية.
- التهديد بالاعتداء الجنسي على الضحية أو ذويه.
- الحبس الانفرادي لأيام.
- تعريض الضحية لدرجات عالية أو متدنية جدا.
- التعرية.
- الاعتداءات ذات الطابع الجنسي.
- الوقوف لساعات طويلة.
- الحرمان من الأكل والشرب.
- الحرمان من قضاء الحاجة والاستحمام.
- الحرمان من النوم.
- الضرب بالأيدي والأجسام الصلبة.
- الشتم والسباب الطائفي.
- الإصابة بسلاح ناري لمستوى يرقى للتعذيب.
- التهديد بالاعتداء الجنسي على الضحية أو ذويه.
- الحبس الانفرادي لأيام.
- التقييد بطريقة مؤذية.
- الإخفاء القسري.
أسئلة المساندة في اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب نطرح مجموعة من أسئلة، تكشف الإجابات عنها بأنَّ مساندة الضحايا غير متوفرة بل بعيدة المنال في البحرين. - هل انضمت البحرين توقيعا وتصديقا على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؟!
رغم المطالبات العديدة لها باعتماد هذا البروتوكول إلا أنَّه تجاهلت ذلك. وكما هو واضح من المادة (1) من البروتوكول الذي يهدف إلى: ".. إنشاء نظام قوامه زيارات منتظمة تضطلع بها هيئات دولية ووطنية مستقلة للأماكن التي يحرم فيها الأشخاص من حريتهم، وذلك بغية منع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"[10]. وبالنظر لما هو وارد في المادة (11) و (12) حول: (ولاية اللجنة الفرعية لمنع التعذيب)، والتي تتضمن: زيارة مواقع الاحتجاز التعسفي، وإسداء المشورة للدول الأطراف، والحفاظ على الاتصال المباشر والسري بالآليات الوقائية الوطنية، التعاون، لغرض منع التعذيب بوجه عام، مع هيئات الأمم المتحدة وآلياتها ذات الصلة، والذي يتطلب: استقبال اللجنة الفرعية لمنع التعذيب في إقليمها وتزويدها بكافة المعلومات ذات الصلة. إنَّ السلطات البحرينية تشتغل على ابتكار وسائل لتضليل الجهات الحقوقية الدولية حول وقائع التعذيب، ولم تسمح للمقرر الأممي الخاص بالتعذيب من زيارة المنامة، فضلا عن أنَّها لا تسمح بآليات الرقابة الدولية وتحظر على المنظمات الحقوقية الدولية والبحرينية التحقيق في مزاعم التعذيب، إضافة إلى أنَّ قائمة المتورطين بالتعذيب وهي قائمة سرية كشف الضحايا عن بعض أسماء الجناة فيها يحظون بمناصب أمنية رفيعة أو ترقيات. - ما هي ظروف المتورطين بقضايا التعذيب وسوء المعاملة؟!
على الرغم من كل التقارير الحقوقية الدولية والمحلية الصادرة حول وقائع التعذيب وسوء المعاملة؛ فإنَّ السلطات الرسمية لم تتخذ أي إجراءات جدية لإنهاء سياسة التعذيب؛ فعلى الرغم من صدور تقرير رسمي واحد وحيد في 2011 وهو تقرير "اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق"، فإنَّ رئيس اللجنة البروفيسور محمود شريف بسيوني قد أعلن في آخر موقف له بتاريخ 06/06/2016[11] قبل وفاته في 26/09/2017 بأنَّ "لم يتم تنفيذ إلا 10 توصيات من أصل الـتّوصيات الـ 26 الصّادرة عن اللّجنة المستقلة لتقصي الحقائق، وأن الجهود المبذولة من أجل ذلك لم تلقَ للأسف الشّديد النّجاح"، وأنَّ "مهمة الحكومة لم تنته بعد، حتى لو انتهت مهمة اللّجنة" في تكذيب لافت له لما ادّعته حكومة البحرين من إكمالها تنفيذ توصيات اللجنة التي صدرت في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2011 بعد نشر وكالة أنباء البحرين الرسمية لتصريحات محرفة له. وفضلا عن ذلك، دعا بسيوني بشكل صريح حكومة البحرين للإفراج عن قادة المعارضة والرموز السياسية، وكل من أدين على خلفية عقيدته وآرائه السياسية، كما دعا إلى مواصلة التّحقيقات بخصوص أولئك المسؤولين عن مقتل خمسة أشخاص تحت التّعذيب وتأكيد مسؤولية رؤسائهم. إنَّ السلطات البحرينية لم تبادر إلى اتخاذ خطوات جدية لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب، فلا وجود لمساءلة حقيقية عمَّن تورط بتعذيب الآلاف من الضحايا ما بين (2011 – 2023)؛ فضلا عمَّا سبقها من سنوات طويلة؛ ولو كانت السلطات البحرينية قد سمحت للمقرر الأممي الخاص بالتعذيب بزيارة البحرين لفتح ملف التعذيب منذ تولي إيان هندرسون (توفي 2013) لرئاسة مباحث أمن الدولة وما تلتها من سنوات طويلة؛ نظرا لأن العديد من الشهود الضحايا مازالوا أحياء. لقد تسببت سياسات الإفلات من العقاب المتبعة بدقة بالغة في تشكيل مجتمع جناة للعناصر الأمنية المتورطة بقضايا التعذيب، مكَّنتهم هذه السياسة من تطوير أساليب التعذيب، في ظل وجود قضاء غير مستقل يلاحق الضحايا ويوفر الحماية للجناة.
[6] موقع صحفية الوسط البحرينية. (2009). مرسوم 56 يخالف أحكام الدستور والاتفاقيات والمواثيق الدولية. ندوة بعنوان «إنصاف ضحايا التعذيب الحلول والمعالجات». تاريخ الدخول على الموقع: 23/06/2023. http://www.alwasatnews.com/news/9798.html |