إفادة خطية لمركز الخيام ومنتدى البحرين أمام مجلس حقوق الإنسان حول: انتهاكات الحقوق السياسية بالبحرين لقراءة الإفادة الخطية اضغط هنا: قدم مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب بالتعاون مع منتدى البحرين لحقوق الإنسان إفادة خطية ضمن أعمال الدورة 48 لمجلس حقوق الإنسان تحت عنوان: (انتهاكات الحقوق السياسية في البحرين). وفيما يلي نصُّ الإفادة: في البحرين وعند مقاربة الحقوق السياسية، والحقوق السابقة المرتبطة بها من جانب، والواقع السياسي والحقوقي فيها من جانب آخر؛ نلاحظ غياب الكثير من هذه الحقوق إلى جانب وجود انتهاكات واسعة تقوض العمل السياسي والحقوقي، انتهت بالعزل السياسي ضد كل أعضاء الجمعيّات السياسية المعارضة خلال العام 2018. ومن بين الأسباب التي سببت انتهاك الحقوق السياسية، التعديلات الدستورية عام 2002 وكذلك التعديلات اللاحقة لها، والتي أدت لغياب مبادئ وحقوق سياسية مهمة، خاصة مبدأ "الشعب مصدر السلطات"، والذي أدى - بالتزامن مع الاجراءات والتدابير الحكومية - إلى غياب هذا المبدأ، ومبادئ أخرى كما سوف يتبين، الأمر الذي أدى لانتهاك الحقوق السياسية في البحرين ومنها: منع التجمعات السياسية، وحل الجمعيات السياسية واستهدافها وخاصة الجمعيات المعارضة، وملاحقة الناشطين السياسيين واستهدافهم بسبب ممارستهم لحرية الرأي والتعبير، وصولاً إلى العزل السياسي بحق الجمعيّات السياسية وأعضائها الذي مارسته الحكومة في انتخابات 2018. - تعديلات العام 2012 الدستورية. ([1])
التعديلات الدستورية التي تم إقرارها في 3 مايو 2012، كانت تعديلات واسعة، والتي تم في ظلها تغيير نصوص المواد (42 البند ج) و(52) و(53) و (57 البند أ) و(59) و(65) و(67 البنود ب، ج، د) و(68) و(83) و(85) و(86) و(88) و(91 الفقرة الأولى) و (92 البند أ) و(102) و(103) و(109 البندين ب، ج) و(115) و(120 البند أ، بنصوص أخرى. ولكن، وعند قراءة المواد التي تم تغييرها نلاحظ وبوضوح، أن التعديلات الدستورية لم تنل من صلاحيات الملك التشريعية، والتي كانت المعارضة تطالب بتقليصها مع إعطاء السلطة التشريعية صلاحيات أوسع، ما أدى لاستمرار الأزمة السياسية في البحرين، وبالرغم من أن الظاهر من هذه التعديلات هي محاولة إقناع الرأي العام أنها تعديلات جاءت استجابة للمطالبة بالتعديلات الدستورية التي نادت بها أطياف المعارضة؛ إلا أنها لم تحقق الحد الأدنى من ممارسة الحقوق السياسية. بعكس ذلك يمكن القول إن بعض هذا التعديلات جاءت داعمة للحكومة، وضمانه لعدم المساس بها أو ببرنامجها الحكومي، حيث نصت الفقرة (د) من المادة 67 على أنه "إذا أقر مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضائه عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، رفع الأمر إلى الملك للبت فيه، بإعفاء رئيس مجلس الوزراء وتعيين وزارة جديدة، أو بحل مجلس النواب"، ما يعني عدم قدرة مجلس النواب على المساس بالسلطة التنفيذية، فمن المحال تصويت ثلثي أعضاء المجلس على عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، وحتى في حال تحقق ذلك فإن القرار النهائي يكون بيد الملك والذي يمكن في ضوء هذه المادة أن يحل مجلس النواب بل ويقوم بتعيين مجلس وزراء جديد. وبشكل عام يمكن القول إن غالبية هذه التعديلات جاءت شكلية، بل إن بعضها جاء ليؤسس لغياب "مبدأ الشعب مصدر السلطات"، وليبقي على صلاحيات السلطة والحكومة، ويصادر مزيداً من الصلاحيات التشريعية والرقابية التي ينبغي لمجلس النواب المنتخب التمتع بها، فهذه التعديلات لم تحقق مطالب المعارضة الأساسية المتمثلة في: المطالبة بحكومة تمثل إرادة الشعب، وبرلمان كامل الصلاحيات، وقضاء نزيه، ودوائر انتخابية عادلة، ومؤسسة أمنية تمثل مكونات الشعب. وكلها حقوق سياسية أساسية تطالب بها المعارضة منذ العام 2011. - تعديل 2017 الدستوري. ([2])
لمزيد من الإجراءات الهادفة لمصادرة الحقوق السياسية والمدنية، وعبر توظيف مجلس النواب وغيره من المؤسسات لتحقيق أهدافها؛ عمدت السلطة في البحرين لتعديل دستوري أخر بشأن القضاء العسكري، يسمح في ظله بمحاكمة مدنيين أمام المحاكم العسكرية، والذي تم إقراره في وقت قياسي. ففي الاثنين 3 أبريل/ نيسان 2017 صادق ملك البحرين على تعديل دستوري منح بموجبه القضاء العسكري صلاحيات واسعة، تشمل محاكمة مدنيين أمام القضاء العسكري، ونص التعديل الدستوري على استبدال المادة (105/ الفقرة ب) بحيث تنص على "ينظم القانون القضاء العسكري ويبين اختصاصاته في كل من قوة دفاع البحرين والحرس الوطني وقوات الأمن العام"، بدلاً من النص المعمول به حاليّاً والذي ينص على "يقتصر اختصاص المحاكم العسكرية على الجرائم العسكرية التي تقع من أفراد قوة الدفاع والحرس الوطني والأمن العام، ولا يمتدُّ إلى غيرهم إلا عند إعلان الأحكام العرفية، وذلك في الحدود التي يقررها القانون". تجدر الإشارة إلى أن تقرير اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق "تقرير بسيوني" كان قد انتقد محاكمة مدنيين أمام المحاكم العسكرية أبان تطبيق قانون السلامة الوطنية "قانون الطوارئ" الذي أصدره الملك في مارس/ آذار العام 2011، لمواجهة الاحتجاجات الشعبية، وقد أوصى تقرير بسيوني بإعادة المحاكمات كلها في المحاكم المدنية. وبررت البحرين هذا التعديل الدستوري بأنه جاء لمكافحة الإرهاب، غير أنه يعيد إلى الأذهان المحاكم العسكرية التي تم العمل بموجبها ضمن قانون الطوارئ في العام 2011، والتي أصدرت أحكاماً بالجملة بحق المشاركين في الاحتجاجات، ووصفت أنها محاكمات غير عادلة تفتقر لأبسط المعايير الخاصة بالمحاكمات العادلة. وفيما يتعلق بالتشريعات التي تضمن الحقوق السياسية في البحرين فقد صدرت مجموعة قوانين أهمها المرسوم بقانون رقم (13) لسنة 1972 بشأن أحكام الانتخاب للمجلس التأسيسي والذي اعتمد لانتخابات مجلس النواب عام 1973، وهو القانون الذي ألغته الحكومة، وأصدرت بعد التعديلات الدستورية عام 2002 جملة من القوانين منها: -
- قانون مباشرة الحقوق السياسية بموجب المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002، وهو القانون الذي ينظم عمليتي الاستفتاء وانتخاب أعضاء مجلس النواب. ويتكون قانون مباشرة الحقوق السياسية من سبعٍ و ثلاثين مادة، موزعه على خمسة فصول، تناولت تباعاً الحقوق السياسية ومباشرتها، وجداول الناخبين، وتنظيم عمليتي الاستفتاء والانتخاب، وجرائم الاستفتاء والانتخاب، وأحكاماً ختامية.
- المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 2002 بشأن مجلسي الشورى والنواب الذي ينظم مسألة تعيين أعضاء مجلس الشورى والترشح لمجلس النواب.
- المرسوم بقانون رقم (3) لسنة 2002 بشأن نظام انتخاب أعضاء المجالس البلدية المعدل.
- المرسوم بقانون رقم (6) لسنة 2002. الذي ينظم انتخاب أعضاء المجالس البلدية.
- مرسوم بقانون رقم (16) لسنة 2002 بإصدار قانون ديوان الرقابة المالية، الذي سحب سلطة الرقابة المالية والإدراية من مجلس النواب وجعلها تابعة للديوان الملكي.
- اللائحة الداخلية لمجلس النواب الصادرة بالمرسوم بقانون رقم 94 لسنة 2002.
كل هذه القوانين -المشار إليها أعلاه- لم تصدرها جهة تشريعة وأنما صدرت من قبل مؤسسة الحكم وبإرادة ملكية، كما أن هذه القوانين تتعارض مع بعض المبادئ والتشريعات التي تكفل الحقوق السياسية لكل المواطنين وفق ما أشارت له القوانين الدولية، بل إن بعضها يتعارض مع مبادئ الفقه الدستوري. فعلى سبيل المثال يمكن القول إن المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 2002 بشأن مجلسي الشورى والنواب الذي ينظم مسألة تعيين أعضاء مجلس الشورى والترشح لمجلس النواب، قد قلص من سلطة الشعب في المشاركة السياسية وإدارة الشؤون العامة للبلاد والتي نصت عليها المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، حيث جعل نصف السلطة التشريعية معيناً من قبل الملك. كذلك فيما يتعلق بقانون مباشرة الحقوق السياسية رقم (14) لسنة 2002، يمكن القول إن المرسوم بقانون رقم (13) لسنة 1972 بشأن أحكام الانتخاب للمجلس التأسيسي والذي اعتمد لانتخابات مجلس النواب عام 1973 كان متقدماً على قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم (14) لسنة 2002، حيث أعطى القانون الجديد مؤسسة الحكم صلاحية توزيع الدوائر الانتخابية والتحكم في جداول الناخبين، وذلك وفق المادة 17 منه والتي تنص ضمن ما تنص على "... ويصدر مرسوم بتحديد المناطق والدوائر الانتخابية وحدودها، وعدد اللجان الفرعية اللازمة لمباشرة عمليتي الاقتراع والفرز...". الأمر الذي أدى لفرز دوائر انتخابية غير عادلة، وشطب الكثيرين من جدوال الناخبين لأسباب سياسية. تجدر الإشارة إلى أنه تم عديل هذا القانون لمنع عدد كبير من المواطنين من حق الترشيح والترشح في انتخابات 2018، إذ أنه وضمن الإجراءات الهادفة لمصادرة الحقوق السياسية والمدنية، وعبر توظيف مجلس النواب وغيره من المؤسسات لتحقيق أهدافها؛ عمدت مؤسسة الحكم في البحرين لتعديل تشريعي ضمن تعديلات أخرى بشأن مباشرة الحقوق السياسية، وذلك لمنع عدد كبير من المواطنين من المشاركة في انتخابات العام 2018، في عملية واسعة هدفت في الأساس إلى مصادرة الحقوق السياسية عبر عزل سياسي ضد كل أعضاء الجمعيّات السياسية. حيث جاء في المادة الأولى من القانون أنه "يستبدل بنص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية، النص الآتي، "ويمنع من الترشيح لمجلس النواب كل من: ([3]) - المحكوم عليه بعقوبة جناية حتى وإن صدر بشأنه عفو خاص عن العقوبة أو رد إليه اعتباره.
- المحكوم عليه بعقوبة الحبس فى الجرائم العمدية لمدة تزيد على ستة أشهر حتى وإن صدر بشأنه عفو خاص عن العقوبة.
- قيادات وأعضاء الجمعيات السياسية الفعليين المنحلة بحكم نهائي لارتكابها مخالفة جسيمة لأحكام دستور المملكة أو أي قانون من قوانينها.
- كل من تعمد الإضرار أو تعطيل سير الحياة الدستورية أو النيابية وذلك بإنهاء أو ترك العمل النيابى بالمجلس أو تم إسقاط عضويته لذات الأسباب.
لذا وفي ضوء ذلك تم استبعاد آلاف المواطنين في البحرين من حق الانتخاب والترشيح في انتخابات العام 2018، بمن فيهم المحكمون في قضايا ذات خلفيات سياسية مثل المشاركة في المسيرات والتجمعات، وقضايا كثيرة تتداخل مع حرية الرأي والتعبير، إلى جانب الآلاف من المواطنين المنتمين لجمعيات سياسية تم حلها بسبب مواقفها المعارضة لسياسة الحكومة، سواء من قيادات الجمعيات السياسية أو العاملين فيها أو الأعضاء لمجرد كونهم أعضاء في هذه الجمعيات. ما يعد مخالفة واضحة لنص الفقرة (هـ) من المادة الأولى من دستور البحرين التي تنص على أنَّ "للمواطنين، رجالاً ونساءً، حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق الانتخاب والترشيح، وذلك وفقاً لهذا الدستور وللشروط والأوضاع التي يبينها القانون. ولا يجوز أن يحرم أحد المواطنين من حق الانتخاب أو الترشيح إلا وفقاً للقانون".
[3]. قانون رقم (25) لسنة 2018، بتعديل المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002، بشأن مباشرة الحقوق السياسية. البحرين. |